للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ زَوْجَتُهُ (قَبْلَ كَوْنِ عُمْرِهَا حَوْلَيْنِ) إلَى كَبِيرَةٍ نَائِمَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ مُسْتَيْقِظَةٍ سَاكِتَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَرْتَضِعُ مِنْهَا فَلَا تَغْرَمُ الْكَبِيرَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ إنْ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي لَا إنْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ (وَهْوَ) أَيْ ارْتِضَاعُ الَّتِي دَبَّتْ (مُسْقِطٌ لِمَهْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْدِفَاعَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا إذَا كَانَتْ الْكَبِيرَةُ زَوْجَةً لَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا وَإِلَّا فَنِصْفُهُ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَ الْكَبِيرَةِ وَلَوْ وَصَلَتْ قَطَرَاتُ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ بِتَقْطِيرِ الرِّيحِ مَثَلًا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبَةِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

(بَابُ النَّفَقَاتِ) جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ

وَأَسْبَابُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ مِلْكُ النِّكَاحِ وَقَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ وَمِلْكُ الْيَمِينِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا سَيَأْتِي وَبَدَأَ بِنَفَقَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ فَقَالَ (أَوْجِبْ) مَا يُذْكَرُ مِنْ الْمُؤَنِ (لِعِرْسٍ) أَيْ زَوْجَةٍ (مَكَّنَتْ زَوْجًا) لَهَا مِنْ نَفْسِهَا قَالَ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةُ وَقَالَ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ فَقَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْت» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ التَّمْكِينِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لِلْغَرَضِ وَذَلِكَ بِأَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِأَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمَجْنُونَة عَرْضُ الْوَلِيِّ نَعَمْ لَوْ سَلَّمْت الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَتَسَلَّمَهَا كَفَى لِحُصُولِ التَّمْكِينِ.

وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتْ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ نَفْسَهَا إلَى الْمُرَاهِقِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعَ لِلْمُرَاهِقِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ لَا لَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْمُؤْنَةُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِأَنَّ جُمْلَتَهَا فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ مَجْهُولَةٌ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَجْهُولًا فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمْكِينِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى النُّشُوزَ أَوْ أَدَاءَ مُؤْنَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمُمَكِّنَةُ (رَتْقَاءَ) أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُفْضَاةً (أَوْ مَرِيضَةً) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (أَوْ ذَاتَ جِنْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ جُنُونٍ فَتَجِبُ لَهَا الْمُؤْنَةُ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمْكِنُ وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضٍ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ غُصِبَتْ لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (صَغِيرًا) لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ وَالزَّوْجَةُ كَبِيرَةً فَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا إذْ لَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى كَبِيرٍ فَهَرَبَ (لَا) إنْ كَانَتْ (صَغِيرَةً) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَالرَّتْقُ مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ وَيَشُقُّ مَعَهُ تَرْكُ الْمُؤْنَةِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لَا يَفُوتُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.

وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْمُؤَنِ بِالتَّمْكِينِ (إلَى أَنْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ) مِنْ زَوْجِهَا بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (إذْ) أَيْ وَقْتُ (لَا حَبَلَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَا نَفَقَةَ لَك وَكَانَتْ بَائِنًا حَائِلًا» وَلِمَفْهُومِ آيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِلرَّجْعِيَّةِ لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَلْطَنَتِهِ إلَّا أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. . . إلَخْ) لَا يُشْكَلُ هَذَا بِتَضْمِينِ الْمُودَعِ إذَا قَدَرَ عَلَى الدَّفْعِ وَتَرَكَهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ هِيَ الْمُتْلِفَةُ لِبَعْضِهَا فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا) شَامِلٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ السَّاكِتَةِ فَلْيُرَاجَعْ

[بَابُ النَّفَقَة]

[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

(بَابُ النَّفَقَاتِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

كَلَا طَلَبٍ. اهـ. ح ل

(بَابُ النَّفَقَاتِ)

(قَوْلُهُ: جَمْعُ نَفَقَةٍ) هِيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لَا بِالذَّوَاتِ فَأَخْذُهَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى عَكْسِ أَخْذِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمُجَرَّدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْمَعْنَى بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) وَرَدَ عَلَى الْحَصْرِ فِيهَا صُوَرٌ مِنْهَا الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَةُ فَإِنَّ نَفَقَتَهُمَا عَلَى النَّاذِرِ وَالْمُهْدِي مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْهَا نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ سم، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمِلْكُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَعْرِضَ) فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّمْكِينِ سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: وَيَشُقُّ مَعَهُ إلَخْ) لِدَوَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>