للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُعْتَبَرُ زَهَادَتُهُ وَرَغْبَتُهُ وَقَوْلُهُ عُرْفًا أَيْ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرِقَّاءِ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ لِلرَّقِيقِ فَلَوْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً أَوْ فَوْقَهُ تَنَعُّمًا لَزِمَهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لِلرَّقِيقِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَوِّيَهُ بِنَفْسِهِ إذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمَا وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عُلِمَ حَالُهُ فَأَجَابَ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ.

(لَكِنْ جُلُوسٌ) يَعْنِي إجْلَاسَ السَّيِّدِ لَهُ (مَعَهُ لِلْأَكْلِ أَحَبْ) أَيْ أَوْلَى (أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ بِدَسَمْ رَوَّغَ) أَيْ رَوَّاهَا بِالدَّسَمِ وَنَاوَلَهَا لَهُ إنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ مِنْ جُلُوسِهِ مَعَهُ تَوْقِيرًا لَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْإِجْلَاسِ وَالتَّرْوِيغِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِجْلَاسَ أَوْلَى (قُلْتُ مَنْ وَلِي الطَّبْخَ أَهَمْ) أَيْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِالْإِجْلَاسِ أَوْ التَّرْوِيغِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» وَالْأَمْرُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ نَدْبًا لِلتَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصًّا حَاصِلُهُ الْوُجُوبُ، ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْوُجُوبُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ لُقْمَةٌ كَبِيرَةٌ تَسُدُّ مَسَدًّا لَا صَغِيرَةٌ تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ.

(وَ) وَجَبَ لَهُ (خَشِنٌ فِي كِسْوَةٍ) إنْ اعْتَادَهُ الْأَرِقَّاءُ فَلَوْ اعْتَادُوا النَّاعِمَ وَجَبَ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ إيهَامِ إطْلَاقِهِ لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ مَا كَفَى عُرْفًا وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ بِبِلَادِنَا إخْرَاجًا لِبِلَادِ السُّودَانِ وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ النَّظْمِ كَفَى عُرْفًا فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُسَنُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَكَذَا بَيْنَ الْإِمَاءِ وَأَنْ يُفَضِّلَ الْجَمِيلَةَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّفْضِيلُ وَكَالْجَمِيلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كُلُّ رَقِيقٍ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٌ مِنْ قِرَاءَةٍ وَعِلْمٍ وَنَحْوِهِمَا.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْلِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ إنْ تَضَمَّنَ الْإِبْدَالُ تَأْخِيرَ الْأَكْلِ لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَالظَّاهِرُ جَوَازُ إبْدَالِهِ بِالْأَعْلَى.

(وَحُمِّلَا) أَيْ الرَّقِيقَ (طَوْقًا) أَيْ حَمَّلَهُ سَيِّدُهُ مَا يُطِيقُ مِنْ الْأَعْمَالِ دُونَ مَا لَا يُطِيقُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلرَّقِيقِ بَلْ لِمَنْ اُقْتُرِضَتْ نَفَقَتُهُ مِنْهُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ السَّيِّدِ وَالْمُرَادُ بِفَرْضِ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ أَنْ يَفْرِضَهَا وَيَأْذَنَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَيَقَعُ الْإِنْفَاقُ فَمَهْمَا أَنْفَقَ ذَلِكَ الْمُنْفِقُ صَارَ دَيْنًا لَهُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا لَمْ يُنْفِقْهُ لَا يَصِيرُ فَلَيْسَ فِي صُورَةِ الْفَرْضِ صَيْرُورَةُ دَيْنٍ لِلرَّقِيقِ عَلَى السَّيِّدِ أَيْضًا فَلَا إشْكَالَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمَا) أَفْهَمَ لُزُومَ التَّسْوِيَةِ إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ عَادَتُهُمَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَوْلَى) مَحَلُّ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا بُحِثَ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِي إجْلَاسِهِ مَعَهُ أَيْ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى عَدَمُ الْإِجْلَاسِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِ أَحَبُّ (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصَّ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: خَشِنٌ فِي كِسْوَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا فَوْقَ الْخَشِنِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنْ يُرَادَ بِالْكِفَايَةِ الْكِفَايَةُ قَدْرًا لَا صِفَةً وَآثَرَ الْكِسْوَةَ لِقُوَّةِ التَّوَهُّمِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى غَلَبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّادَةِ وَالْأَرِقَّاءِ فِيهَا وَأَرَادَ بِالْخَشِنِ الْخَشِنَ بِالنِّسْبَةِ لِمُعْتَادِ السَّادَةِ لِأَنْفُسِهِمْ فَيَشْمَلُ مَا هُوَ نَاعِمٌ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ) أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ فِي حَقِّ الْأَمَةِ إذَا اسْتَعْمَلَهَا عَلَى وَجْهٍ يَلْزَمُ مِنْهُ رُؤْيَةُ الْأَجَانِبِ مَا يَمْنَعُ النَّظَرَ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ مِنْ حَيْثُ مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَا يُنَافِي أَنْ تَجِبَ زِيَادَةٌ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِعَارِضٍ كَأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأَمَةِ نَظَرُ الْأَجَانِبِ لِمَا فَوْقَهُمَا أَوْ تَأَذِّي الرَّقِيقِ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ م ر (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُفَضِّلَ. . . إلَخْ) عِبَارَةِ الرَّوْضِ لَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ وَاسْتُحِبَّ فِي الْإِمَاءِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ. . . إلَخْ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ حَيْثُ لَا رِضًى مِنْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ إبْدَالِهِ بِالْأَعْلَى) يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: عَلِمَ) أَيْ عَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ لَهُ الْوَاجِبَ لَنَقَصَ عَنْهُ لِبُخْلِهِ فَلَمْ يُفَصِّلْ لَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَقِيلَ أَتَى بِهِ رَدْعًا وَزَجْرًا لَهُ لِيَرْجِعَ عَمَّا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: رَوَّغَ) أَيْ قَلَّبَهَا فِي الدَّسَمِ وَقِيلَ أَيْ هَيَّأَهَا لَهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَهُمَا بِمَعْنَى رَوَاهَا

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُفَضِّلَ الْجَمِيلَةَ) أَيْ يُسَنُّ أَنْ يُفَضِّلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجَمَالِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ فَقَطْ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ فَيُرَاعَى نَدْبًا فِي الْإِنَاثِ وَيُكْرَهُ مُرَاعَاتُهُ فِي الذُّكُورِ أَمَّا إذَا كَانَ الْجَمَالُ مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ أَوْ الصِّنْفُ كَرُومِيٍّ وَزِنْجِيٍّ فَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ وُجُوبًا. اهـ. ع ش وم ر وَظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الذُّكُورِ.

[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

(قَوْلُهُ طَوْقًا) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهُ وَإِنْ رَضِيَ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>