للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَفَّرَهُ بِهِ بِمَا يُوجِبُ كُفْرًا كَانَ حَظُّهُ فَيْئًا، أَوْ (بِغَيْرِ مَا يُوجِبُ كُفْرًا كَأَكَلْ مِنْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ، أَوْ الْخَمْرَ نَهَلْ) أَيْ: شَرِبَ (فَمُوهِمٌ إطْلَاقِهِ) أَيْ: الْحَاوِي (أَنْ يَجْعَلَهْ، فَيْئًا) ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (بَلْ الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَزَاهُ فِي الْكَبِيرِ لِنَقْلِ الْغَزَالِيِّ (أَنَّ الْحَظَّ لَهُ) لِتَبَيُّنِ خَطَئِهِ بِتَفْسِيرِهِ، وَمَا أَوْهَمَهُ إطْلَاقُ الْحَاوِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ وُقِفَ الْأَمْرُ

، وَلَوْ (أَفْلَتَ) مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ (مَنْ) أَيْ: أَسِير (عَلَى ارْتِدَادٍ قُهِرَا) أَيْ: أُكْرِهَ عَلَى الِارْتِدَادِ بِدَارِهِمْ، وَعَادَ إلَيْنَا (وَلَمْ يُجَدِّدْ) إسْلَامَهُ بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِهِ (بَعْدَ عَرْضٍ) لَهُ عَلَيْهِ (كُفِّرَا) أَيْ: حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ وَقْتِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ لِظُهُورِ اخْتِيَارِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ مَعَ الْحُكْمِ بِهِ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا لِمَا أَتَى بِهِ كَذَا الْمُطْلَقَةُ الْجُمْهُورُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ كَجٍّ بِمَا إذَا كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الطَّاعَاتِ، وَالْجَمَاعَاتِ، وَإِلَّا، فَلَا عَرْضَ قَالَ، وَالْعَرْضُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا لَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَوَقَعَ فِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ، وَالتَّلَفُّظِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَيْنَا (وَ) لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ (طَائِعًا وَ) وُجِدَ بَعْدُ (عِنْدَهُمْ يُصَلِّي يُحْكَمُ بِاهْتِدَائِهِ) أَيْ: بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ عِنْدَنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ (لَا) إنْ صَلَّى الْكَافِرُ (الْأَصْلِيّ) ، وَلَوْ عِنْدَهُمْ، فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ عَلَقَةَ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ فِيهِ، وَالْعَوْدُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَسُومِحَ فِيهِ (قُلْتُ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَلَكِنَّا إذَا اسْتَيْقَنَّا فِيهَا لَهُ) أَيْ: تَيَقَّنَّا لِلْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (تَشَهُّدًا) فِي الصَّلَاةِ (فَمِنَّا) أَيْ: فَهُوَ مِنَّا أَيْ: مُسْلِمٌ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إسْلَامَهُ حِينَئِذٍ بِاللَّفْظِ، وَالْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ الدَّالَّةِ بِالْقَرِينَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ دَفْعُ إيهَامِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّهَادَةِ فِيهَا لِاحْتِمَالِ الْحِكَايَةِ

(بَابُ الزِّنَا)

بِالْقَصْرِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّهِ هُوَ الْإِيلَاجُ الْآتِي بَيَانُهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: ٣٢] ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ (مِنْ أَوْلَجَ الْفَرْجَ) الْأَصْلِيَّ الْمُتَّصِلَ بِهِ يَعْنِي: أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ، أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا (بِفَرْجٍ) أَصْلِيٍّ مُتَّصِلٍ مَعَ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ، أَوْ يَحُدُّهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ عَبَّرَ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: بِإِيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ يَرْجُمُ الْإِمَامُ الْمُكَلَّفَ كَانَ، أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَفْعُولَ بِهِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى تَقْيِيدِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ غَيْرُ الْإِيلَاجِ كَالْمُفَاخَذَةِ، وَمُسَاحَقَةِ الْمَرْأَتَيْنِ، وَالْإِيلَاجُ فِي غَيْرِ فَرْجٍ، أَوْ فِي فَرْجٍ زَائِدٍ، أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ مُبَانٍ، وَإِيلَاجُ قَدْرِ دُونِ الْحَشَفَةِ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ زَائِدٍ، أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ مُبَانٍ، فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْحَدَّ، بَلْ التَّعْزِيرَ.

، وَبِقَوْلِهِ: (يَحْرُمْنَ) إيلَاجُ الزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ الْخَالِي عَنْ الْحُرْمَةِ، وَالْإِيلَاجُ بِشُبْهَةِ الْفَاعِلِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُهُ أَيْضًا، وَإِيلَاجُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ، وَيُؤَدَّبُ الْمُمَيِّزُ تَأْدِيبًا بَالِغًا، وَبِقَوْلِهِ: (لِلْعَيْنِ) أَيْ: لِعَيْنِ الْإِيلَاجِ، وَطْءُ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ إحْرَامٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَسَبَهُ النَّاظِمُ لِإِيهَامِ إطْلَاقِ الْحَاوِي هُوَ جَعْلُهُ، فَيْئًا فِيمَا إذَا فُسِّرَ بِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ، وَالْمِنْهَاجُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا اسْتَفْصَلَ، فَفَسَّرَ مَعَهُ الْمُكَفِّرَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَتَبِعَ أَيْ: الرَّوْضُ فِي ذِكْرِهِ الْأَسِيرَ أَصْلَهُ، وَلَهُ وَجْهٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْإِرْشَادِ كَالْأَكْثَرِ تَبَعًا لِلنَّصِّ. اهـ.

(بَابُ الزِّنَا) (قَوْلُهُ: أَصْلِيٌّ) أَيْ: مَعْلُومُ الْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ التَّعْزِيرُ) يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ بِإِيلَاجِ الْمُبَانِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الِاكْتِفَاءَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) عِبَارَتُهُ فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ لَمْ يَرِثْهُ، وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ. اهـ. وَهَذَا غَيْرُ كَلَامِ الْحَاوِي عَلَى مَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ إذْ يُفِيدُ أَنَّ الْحَاوِي يَقُولُ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَيَانِ بِمَا لَا يُوجِبُ كُفْرًا يَكُونُ نَصِيبُهُ فَيْئًا فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي ذَكَرَهُ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَنَّ الْحَاوِي تَبِعَ الْمِنْهَاجَ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا إنْ أَطْلَقَ يَكُونُ فَيْئًا أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا، وَإِنْ فَصَّلَ بَعْدُ، وَذِكْرُ مَا لَا يُوجِبُ كُفْرًا مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَحَلِّهِ، وَقَدْ فَصَّلْنَاهُ فِي هَامِشِ الْحَاشِيَةِ فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ: حُكِمَ بِكُفْرِهِ إلَخْ.) أَيْ: ظَاهِرُ الِاحْتِمَالِ غَرَضٌ آخَرُ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ.

[بَابُ الزِّنَا]

(بَابُ الزِّنَا) (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ، أَمَّا لَوْ خُلِقَ فَاقِدَهَا فَيُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مُعْتَدِلَةً مِنْ أَقْرَانِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إلَى تَقْيِيدِهِ) أَيْ: بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا فِي قُبُلِهِ لَا دُبُرِهِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمْنَ) لَعَلَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرِ أَوْلَجَ أَيْ: مَنْ أَوْلَجَ إيلَاجًا حَرَامًا

<<  <  ج: ص:  >  >>