للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَسْلِ مَا أَخَذَتْهُ الْجَبِيرَةُ مِنْ الصَّحِيحِ بِسُقُوطِهَا.

(فَصْلٌ فِي) فِي بَيَانِ (أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ) وَغَيْرِهَا (أَرْكَانُ هَذَا) أَيْ التَّيَمُّمِ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (نَقْلُهُ أَوْ) نَقْلُ (مَنْ أَذِنْ) هُوَ (لَهُ) فِيهِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (تُرَابًا) لَهُ غُبَارٌ إلَى عُضْوِ تَيَمُّمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: ٤٣] أَيْ اقْصِدُوهُ بِأَنْ تَنْقُلُوهُ إلَى الْعُضْوِ، وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ النَّقْلِ رُكْنًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِعُضْوِهِ تُرَابٌ فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ نَقْلِهِ وَالْمَسْحِ بَطَلَ وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ وَفِيمَا لَوْ نَقَلَ مَأْذُونُهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَقْلِ الْمَاءِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ وُجُودِ الْقَصْدِ الْحَقِيقِيِّ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ فِيهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ ثُمَّ جَامَعَ فِي زَمَنِ إحْرَامِ الْأَجِيرِ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي بُطْلَانُهُ بِحَدَثِ الْآذِنِ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِنَفْسِهِ. اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ بَاشَرَ النَّقْلَ بِنَفْسِهِ فَيَبْطُلُ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ بِحَدَثِ مَأْذُونِهِ كَمَا فِي جِمَاعِهِ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مِنْ الْآذِنِ وَثَمَّةَ مِنْ الْمَأْذُونِ لَهُ وَخَرَجَ بِنَقْلِ مَنْ ذُكِرَ نَقْلُ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْهُ كَمَسْأَلَةِ الرِّيحِ الْآتِيَةِ وَبِالتُّرَابِ غَيْرُهُ كَالزِّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ لِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ {صَعِيدًا} [النساء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَرْثُ الْأَرْضِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا»

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْمَعْذُورِ بِمَا عَدَا الصَّحِيحَ الَّذِي كَانَ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَيَكُونُ بَقَاءُ التَّيَمُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّ الْجُرْحِ خَاصَّةً دُونَ مَا حَوْلَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ عَنْ الْجُرْحِ وَالْمَسْحَ بِالْمَاءِ عَنْ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ وَالْقَوْلَ بِبَقَاءِ طَهَارَتِهِ بَعْدَ الْكَشْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ عَنْ الْجُرْحِ دُونَ الْمَسْحِ بِالْمَاءِ بِالنَّظَرِ لِلصَّحِيحِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ مَحَلُّ نَظَرٍ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ اغْتِفَارَهُ إنَّمَا كَانَ لِضَرُورَةِ السَّتْرِ قُلْنَا وَاغْتِفَارُ مَسْحِ الْجُرْحِ بِالتُّرَابِ فِيمَا إذَا كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ إنَّمَا كَانَ أَيْضًا لِمَكَانِ السَّتْرِ فَحَيْثُ زَالَ يَلْزَمُ أَنْ يُمْسَحَ بِالتُّرَابِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِيجَابُ غَسْلِ الصَّحِيحِ دُونَ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ تَحَكُّمٌ بَحْتٌ أَيْ وَلَوْ أُجِيبَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ السُّقُوطِ فِي الصَّلَاةِ فِيهَا تَقْصِيرٌ لِعَدَمِ إحْكَامِ الشَّدِّ وَلَا كَذَلِكَ رَفْعُ اللُّصُوقِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْبُرْءِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ لَكَانَ جَوَابًا حَسَنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُتَّجَهَ وُجُوبُ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الْجُرْحُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ سم.

(قَوْلُهُ: غَسْلِ مَا أَخَذَتْهُ الْجَبِيرَةُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ تَرَدُّدٌ وَيَطُولَ زَمَنُهُ أَوْ يَمْضِيَ مَعَهُ رُكْنٌ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ أَذِنَ هُوَ لَهُ) وَلَوْ أُنْثَى بِلَا مَسٍّ نَاقِضٍ وَكَافِرًا كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُ بَلْ وَغَيْرُ مُمَيِّزٍ إذَا تَأَثَّرَ بِأَمْرِهِ أَوْ إشَارَتِهِ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ حِينَئِذٍ إلَيْهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِفِعْلِ دَابَّةٍ تَأَثَّرَتْ بِإِشَارَتِهِ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا) أَيْ وَيَكْفِي تَجْدِيدُ النِّيَّةِ عِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ وَجْهَهُ فِي أَيِّ حَدٍّ كَانَتْ يَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَلَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِّ ابْتِدَاءً كَفَى وَكَلَامُهُمْ كَالْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ) بِأَنْ أَحْدَثَ بَيْنَ أَخْذِ الْمَاءِ وَغَسْلِ وَجْهِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ نَقَلَ مَأْذُونُهُ) بِأَنْ أَحْدَثَ هُوَ بَيْنَ نَقْلِ مَأْذُونِهِ وَالْمَسْحِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: بَاشَرَ النَّقْلَ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ حَدَثُ الْآذِنِ أَوْ الْمَأْذُونِ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُكْتَفَى بِوُجُودِ النِّيَّةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النَّقْلِ وَعِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا بَعْدَ الْحَدَثِ قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِصِحَّةِ النَّقْلِ وَبَقَائِهِ حَتَّى لَوْ عَزَبَتْ بَعْدَ الْحَدَثِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَفَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَطَلَ النَّقْلُ كَأَنْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْمَسْحِ فَيَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ بَعْدَ الْحَدَثِ قَبْلَ الْمَسْحِ وَلَوْ فِي الْحَدِّ الَّذِي

ــ

[حاشية الشربيني]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ غُبَارٌ) فَإِنْ تَيَمَّمَ بِطِينٍ رَطْبٍ أَوْ تُرَابٍ نَدِيٍّ لَا يَعْلَقُ غُبَارُهُ لَمْ يَجُزْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِجُزْءٍ مِنْهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ اقْصِدُوهُ) أَيْ: اقْصِدُوا الْمَسْحَ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَنْقُلُوهُ) وَحْدَهُ فَالْأَمْرُ بِالْقَصْدِ أَمْرٌ بِالنَّقْلِ لِلْعُضْوِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ طَرِيقٌ إذْ الْقَصْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>