للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالَةِ؛ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ وَلَا عَلَى مُجَامِعٍ وَمُغْتَسِلٍ، وَمُسْتَنْجٍ، وَمُؤَذِّنٍ، وَمُقِيمٍ، وَخَطِيبٍ وَمُلَبٍّ وَفَاسِقٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ وَلَا رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ وَبِالْعَكْسِ حَيْثُ كَانَتْ شَابَّةً وَامْتَنَعَ النَّظَرُ كَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا مِلْكٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَيَانِ وُجُوبِ الرَّدِّ وَأَمَّا الْقَارِئُ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ رَدَّ بِاللَّفْظِ اسْتَأْنَفَ الِاسْتِعَاذَةَ، ثُمَّ قَرَأَ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا. قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ وَبِهَذَا جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ الْوَاحِدِيِّ الْمَذْكُورَ وَضَعَّفَهُ. قَالَ أَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِالدُّعَاءِ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ مُجْتَمِعَ الْقَلْبِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْقَارِئِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَنَكَّدَ بِهِ وَيَشُقَّ عَلَيْهِ فَوْقَ مَشَقَّةِ الْأَكْلِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا اتَّصَفَ الْقَارِئُ بِمَا ذُكِرَ فَهُوَ كَالدَّاعِي بَلْ أَوْلَى لَا سِيَّمَا الْمُسْتَغْرِقِ فِي التَّدَبُّرِ

(يُسَنُّ) خَبَرُ السَّلَامِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَا تَسْقُطُ سُنِّيَّتُهُ بِظَنِّهِ عَدَمَ رَدِّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةُ السَّلَامِ بِالْعَجَمِيَّةِ إنْ فَهِمَهَا الْمُخَاطَبُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ أَمْ لَا، وَصِيغَتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَكَذَا عَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَيُسَنُّ مُرَاعَاةُ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا خِطَابًا لَهُ، وَلِلْمَلَائِكَةِ وَكَمَالُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ كَمَا. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ كَالرَّدِّ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَكِنْ أَسْقَطَ الشَّيْخَانِ وَبَرَكَاتَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالسَّلَامُ مِنْ الْوَارِدِ أَحَبُّ مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلَّ الْعَدَدُ أَوْ كَثُرَ وَمِنْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَمِنْ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي وَمِنْ الْمَاشِي عَلَى الْجَالِسِ أَحَبُّ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ دَارَ نَفْسِهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ وَلِمَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا أَوْ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُوَ، ثُمَّ يُسَلِّمَ (كَالتَّشْمِيتِ) وَهُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ لِلْعَاطِسِ يَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك إذَا سَمِعَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ حَمْدَهُ. قَالَ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْته فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ. قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَرْحَمُنِي اللَّهُ وَيُكَرِّرُ السَّامِعُ التَّشْمِيتَ بِتَكَرُّرِ الْعُطَاسِ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا دَعَا لَهُ بِالشِّفَاءِ (وَالْإِجَابَهْ) لِلتَّشْمِيتِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْعَاطِسُ لِمُشَمِّتِهِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ وَرَدَّ السَّلَامِ وَاجِبٌ أَنَّ التَّشْمِيتَ لِلْعَاطِسِ وَلَا عُطَاسَ بِالْمُشَمِّتِ وَالتَّحِيَّةُ تَشْمَلُ الطَّرَفَيْنِ وَالدُّعَاءُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِ، أَمَّا الْكَافِرُ فَيُدْعَى لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَنَحْوِهَا وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ سَتْرُ وَجْهِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَخَفْضُ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَ وَيُسَنُّ لِمَنْ تَثَاءَبَ أَنْ يَرُدَّهُ مَا أَمْكَنَ وَأَنْ يَسُدَّ فَاهُ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَيُسَنُّ إجَابَةُ مَنْ نَادَاهُ بِلَبَّيْكَ وَأَنْ يُقَالُ لِلْوَارِدِ مَرْحَبًا وَلِلْمُحْسِنِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ حَفِظَك اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ

(فَصْلٌ فِي) .

بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: ٦] الْآيَةَ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا أَيْ: نَقَضَ عَهْدَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» . وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ

وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ ثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَنَحْوِهِمَا فَمُرَادُهُمْ بِهَا الذَّاتُ وَالنَّفْسُ اللَّتَانِ هُمَا مَحَلُّهَا تَسْمِيَةً لِلْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ

. (يُومِنُ ذُو التَّكْلِيفِ مِنَّا دِينًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مِنْ قَوْلِهِ مِنَّا أَيْ: يُؤَمَّنُ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ وَلَوْ خُنْثَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ فَاسِقًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ لِكَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ (بِالطَّوْعِ) أَيْ: مَعَ طَوْعِهِ (لَا الْأَسِيرُ مَحْصُورِينَا) مِنْ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ فَخَرَجَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ لَنَا وَالْمُكْرَهُ عَلَى التَّأْمِينِ، وَالْأَسِيرُ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِأَيْدِيهِمْ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْأَمَانِ أَنْ يَأْمَنَ الْمُؤَمَّنُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمُقِيمٍ) وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَبَعْدَهُ بِاللَّفْظِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَمُلَبٍّ) وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَجِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْحَجِّ عَنْ النَّصِّ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَدَّ أَيْ: نَدْبًا وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَإِنْ كُرِهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: بِظَنِّهِ إلَخْ) بَقِيَ عِلْمُهُ عَدَمَ رَدِّهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا كُرِهَ الِابْتِدَاءُ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْمُسْلِمُ جَوَابًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَيْسَ بِسَلَامٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ حَمْدَهُ) عَقِبَ عُطَاسِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا فَوْقَ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ.

(فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ)

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ إلَخْ) الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّهَا بِهَذَا الْمَعْنَى مَعْنًى يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ فَيَصِيرُ بِسَبَبِهِ قَابِلًا لِلْإِلْزَامِ وَاللُّزُومِ بِرّ (قَوْلُهُ: هُمَا مَحَلُّهَا)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِرْشَادِ إنْ خَرَجَ كَافٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا اتَّصَفَ إلَخْ) ضَعِيفٌ بَلْ يُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ رَدُّهُ اهـ شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: بِتَكَرُّرِ الْعُطَاسِ) أَيْ: مَعَ مُتَابَعَتِهِ عُرْفًا وَالْأَسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهِ مُطْلَقًا

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَمَانِ لِلْكَافِرِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: أَدْنَاهُمْ) كَأُنْثَى رَقِيقَةٍ لِكَافِرٍ. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: الْعَهْدُ إلَخْ) أَيْ: تُطْلَقُ بِمَعْنَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْحُرْمَةُ) أَيْ: الِاحْتِرَامُ ع ش

(قَوْلُهُ: مَحْصُورِينَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ مَا لَمْ يَنْسَدَّ بِتَأْمِينِهِ بَابُ الْجِهَادِ وَإِلَّا كَانَ مُمْتَنِعًا عَنْ الْآحَادِ وَالْإِمَامِ. اهـ.

سم. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنْ عَلَّلَ م ر بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هُدْنَةٌ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>