للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَاسِدَةُ بِالْفَسْخِ، ثُمَّ أَدَّى الْمُسَمَّى لَمْ يَعْتِقْ فَإِنَّهُ وَإِنْ غَلَبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعَلُّقِ فَهُوَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ، وَقَوْلُهُ: يَسْأَلُ نَقْضَ الْعَقْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ (وَلَا) فِي (الزَّكَاةِ) فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ فِي الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ

فَالْقَبْضُ فِيهَا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ هُنَا لِبَيَانِ مَا فَارَقَتْ بِهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ، وَفِي مَعْنَى الزَّكَاةِ الْوَقْفُ عَلَى الرِّقَابِ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالنَّذْرُ لَهُمْ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا (وَ) لَا فِي (وُجُوبِ فِطْرَتِهْ) فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا فِي (رَدِّ مَالِهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ (وَأَخْذِ قِيمَتِهْ) مِنْهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ يَرُدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ، وَلَا تَرَاجُعَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، ثُمَّ الِاعْتِبَارُ هُنَا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْعِتْقِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعَقْدِ هُوَ يَوْمُ الْحَيْلُولَةِ فِي الصَّحِيحَةِ وَهُنَا إنَّمَا تَحْصُلُ الْحَيْلُولَةُ بِالْعِتْقِ، وَلَيْسَتْ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ عَدَمِ عِتْقِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْفَاسِدَةِ حَتَّى لَا يَتْبَعَهُ الْكَسْبُ وَالْوَلَدُ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ فِيهَا بِعَقْدٍ لَازِمٍ وَاسْتَحَقَّ اسْتِتْبَاعَ الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إبْطَالُهَا، وَفِي الْفَاسِدَةِ لَا اسْتِحْقَاقَ عَلَى السَّيِّدِ فَجُعِلَ نَاسِخًا، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ مُعَامَلَتِهِ لِلسَّيِّدِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَا مَنْعَ كَالصَّحِيحَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَقْوَى، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ كَالْقِنِّ، وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْفَسْخِ فِي الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ أَمَةً، أَوْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِتَعْجِيلِ النُّجُومِ عَنْ مَحَلِّهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ مَحَلِّهَا لَمْ يَعْتِقْ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعِتْقَ الْوَاقِعَ فِي مَرَضِهِ فِي الْفَاسِدَةِ لَيْسَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَخْذِهِ الْقِيمَةَ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ اسْتِقْلَالَهُ بِالْأَكْسَابِ لِيَحْصُلَ الْمُسَمَّى وَأَخْذَهُ الْفَاضِلَ مِنْ الْكَسْبِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَلُزُومَ نَفَقَةِ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَخْذَهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمَهْرَ الْوَطْءِ وَتَكَاتُبَ وَلَدِهِ عَلَيْهِ.

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حَرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ: أَثْبَتَ لَهَا حَقَّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ، وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَقَالَ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَسَبَبُ عِتْقِهَا انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ إنَّ «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا» أَيْ: سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ.

(وَمَنْ تَضَعْ) مِنْ الْإِمَاءِ وَلَوْ مُحَرَّمَةً بِنَسَبٍ وَلَدًا، أَوْ بَعْضَهُ وَلَوْ (ظَاهِرَ تَخْطِيطٍ) وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ (وَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَخَرَجَ بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ. اهـ.

فَفِي الصَّحِيحَةِ أَوْلَى سم (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنَّ الْعِتْقَ) أَيْ: بِالْأَدَاءِ الْوَاقِعِ فِي مَرَضِهِ فِي الْفَاسِدَةِ إلَخْ أَمَّا الصَّحِيحَةُ فَفِي الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ: كَاتَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا، أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِقِيمَتِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَاسْتَوْفَى النُّجُومَ فِي مَرَضِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ النُّجُومِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالنُّجُومُ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الثُّلُثِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُشْكِلَةٌ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ النُّجُومِ الَّتِي كَانَتْ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ فَفِيهَا تَبَرُّعٌ كَيْفَ لَا تُحْتَسَبُ مِنْ الثُّلُثِ بِرّ وَقَدْ يُقَالُ: كَمَا رَدَّ النُّجُومَ الَّتِي مَلَكَهَا أَخَذَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الْقِيمَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النُّجُومَ كَانَتْ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ بَلْ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ بِهِ إلَخْ.

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

(قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ أَعَلَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ تَضَعُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَكِنْ تَبَيَّنَ بِالْوَضْعِ حُصُولُ الْعِتْقِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَضْعِ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِهِ عَقِبَهُ وَتَرَاخِيهِ عَنْهُ حَيْثُ لَحِقَ بِهِ شَرْعًا، وَحَيْثُ عَلِمَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّهَا حَامِلٌ امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهَا إلَّا إذَا وَضَعَتْ فَيَتَبَيَّنُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ) هَذَا مُوَافِقُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ عُضْوٍ، وَإِنْ لَمْ تَضَعْ الْبَاقِيَ وَعَلَيْهِ يَكْفِي وَضْعُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ إفْتَاءُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لَا يُرَدُّ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ مَا يَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ نَحْوِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ لَا الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ هَذَا وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ بَلْ وَبِالْبَعْضِ هُوَ الْمُتَّجَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: اسْتِقْلَالَهُ بِالْأَكْسَابِ) وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يَمْلِكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِتْقُ قَدْ حَصَلَ فَتَبِعَهُ مِلْكُ الْكَسْبِ وَوُجِّهَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَثْبَتَ لِلسَّيِّدِ عِوَضًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ كَيْ لَا يَبْقَى الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَوْ مَلَكَهَا لَعَتَقَ كَانَ تَأْثِيرُ الْعِتْقِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَكَاتُبَ وَلَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: كَالْكَسْبِ وَقِيلَ: لَا يَتَكَاتَبُ.

[بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>