للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاجْتِهَادٍ مُسَاوٍ لَهُ دَلِيلًا فَيَجِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى جِهَتِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ

وَيُحْمِلُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَوْضَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ بِاقْتِرَانِ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَإِ، إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ وَوُجُوبُ بَقَائِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ، بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ.

فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهَا وَلِلصَّلَاةِ أَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ وَسُنَنٌ تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَتُسَمَّى أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً، وَسُنَنٌ لَا تُجْبَرُ وَتُسَمَّى هَيْئَاتٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا خَارِجَهَا فَتَأَمَّلْهُ. سم (قَوْلُهُ كَانَ مُسَاوٍ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُسَاوِي لِأَنَّ الدُّونَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ: كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) وَكَذَا الرَّوْضَةُ بِرّ

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ) قَضِيَّةُ الْمَعْنَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا بَعْدَهُ لَا كَمَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ تُسَمَّى أَبْعَاضًا مَعَ قَيْدِهِ أَعْنِي لِتَأَكُّدِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

الْأَفْضَلِ بِقَوْلِهِ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ وَتَبِعَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَأَمَّا كَلَامُ الشَّارِحِ فَمَوْضُوعُهُ مَا إذَا سَاوَى الِاجْتِهَادُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ اجْتِهَادَهُ قَبْلَهَا، فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَاوَى اجْتِهَادَانِ مِنْهُ قَبْلَهَا فَيَعْمَلُ بِأَيِّهِمَا، وَالْفَرْقُ مَا ذُكِرَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ جِهَةً بِقَوْلِ غَيْرِ الْأَفْضَلِ فَيَكُونُ كَالْمُجْتَهِدِ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الِاجْتِهَادِ كَالِاجْتِهَادِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَى أُخْرَى إلَّا بِأَرْجَحَ لِيَكُونَ ذَلِكَ الْأَرْجَحُ مُبْطِلًا لِمَا دَخَلَ فِيهِ وَيَكُونَ حِينَئِذٍ وَاجِبًا بِخِلَافِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا حَتَّى يَبْطُلَ بِأَقْوَى مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُودَ الْأَقْوَى ابْتِدَاءً لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِالْأَضْعَفِ لِعَدَمِ عَمَلٍ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاجْتِهَادِ يُبْطِلُهُ بِخِلَافِ طَرَيَانِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَفِي حَجَرٍ الْمُرَادُ بِالْتِزَامِ الْجِهَةِ أَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ لِجِهَةٍ الْتَزَمَ تَرْجِيحَ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ بِالْجَرْيِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا أَخْبَرَهُ مَنْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ الصَّوَابِ مَعَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَقَبْلَهَا لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا فَبَقِيَ عَلَى تَخْيِيرِهِ اهـ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ تِلْكَ الْجِهَةَ، فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَّا بِأَرْجَحَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْمُخْبَرَانِ ابْتِدَاءً بِتَرَدُّدِهِ هُنَاكَ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ الثَّانِي أَنْ لَا يَظْهَرَ الصَّوَابُ مَعَ الْخَطَإِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوَابِ بِالِاجْتِهَادِ عَنْ الْقُرْبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ عَلَى الْقُرْبِ فَهَلْ يَنْحَرِفُ وَيَبْنِي أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَأَوْلَى بِالِاسْتِئْنَافِ قَالَ النَّوَوِيُّ قُلْت الصَّوَابُ هُنَا وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ اهـ. وَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ مَا إذَا ظَهَرَ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْخَطَإِ فَإِنَّهُ قِيلَ فِيهِ بِوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الصَّوَابُ مَعَ الْخَطَأِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَسَاوٍ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ مَعَهُ الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَاقْتَضَتْ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وُجُوبَ الِاسْتِئْنَافِ فِي ذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَقْوَى عَلَى مَا إذَا مَضَى مَا يَسَعُ رُكْنًا قَبْلَ ظُهُورِ الصَّوَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وع ش وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي صُورَةِ الْمُقَارَنَةِ مَعَ مُسَاوَاةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَقَلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْقِطْعَةِ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَاهُ هُنَا لَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَمُرَادُهُ مَا سَلَف نَقْلُهُ عَنْهُ كَالْبَغَوِيِّ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ) ضَعِيفٌ

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) عِلَّةُ الصَّلَاةِ الْمَادِّيَّةُ هِيَ الْأَرْكَانُ وَعِلَّتُهَا الصُّورِيَّةُ هِيَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَرْكَانِ فَفِي كَلَامِهِ إضَافَةُ الصُّورِيَّةِ لِلْمَادِّيَّةِ، وَالْعِلَّةُ الْمَادِّيَّةُ هِيَ: مَا يَكُونُ الشَّيْءُ مَعَهُ بِالْقُوَّةِ وَالصُّورِيَّةُ: مَا يَكُونُ مَعَهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ) عَبَّرُوا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ إشَارَةً أَنَّ لَهَا هَيْئَةً مُعْتَبَرَةً بِحَيْثُ لَوْ بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَيْ كَيْفِيَّتُهَا) فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الْأَصْلِ الْأَمْرُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ، وَهَذَا يُخْرِجُ الْأَرْكَانَ الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْكَانُ وَالسُّنَنُ وَالشُّرُوطُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْفِعْلِ أَيْ كَوْنُ أَفْعَالِهَا مُقَارِنَةً لِلْوُضُوءِ مَثَلًا، وَبِذَلِكَ صَحَّ اشْتِمَالُهَا عَلَى الشُّرُوطِ اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ اسْمٌ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّيْءِ، وَالْكَيْفِيَّةُ أَعَمُّ اهـ. وَمَا ذُكِرَ عَنْ ق ل وَالْبُجَيْرَمِيِّ هُوَ الْمُوَافِقُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ أَعَمُّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ م ر لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>