للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا»

وَقَدْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولُهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَحَلِّي وَغَيْرُهُمَا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ وَثُومٍ، وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي الْفُرْنِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ، وَجَعَلَ حُصُولَهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى.

ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لِلْإِعَادَةِ فَقَالَ: (وَلْيَقْضِ) وُجُوبًا الصَّلَاةَ (مُقْتَدٍ بِغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهُ بُطْلَهَا) كَحَدَثٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتَقَدْ) مِنْهُ بُطْلَهَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ صِحَّتَهَا سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَافُ اعْتِقَادِهِمَا لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَمَالَهَا تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ أَمْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا (كَحَنَفِيٍّ عَلِمَ) الشَّافِعِيُّ الَّذِي (اقْتَدَى) بِهِ (بِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ) رُكْنًا كَالطُّمَأْنِينَةِ، أَوْ شَرْطًا كَتَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لِبُطْلَانِهَا فِي اعْتِقَادِهِ كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ صِحَّتَهَا وَإِنْ اعْتَقَدَ إمَامُهُ بُطْلَانَهَا اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ كَشَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ افْتَصَدَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِزِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ. (لَا إنْ فَصَدَا) أَيْ: الْحَنَفِيُّ بِمَعْنَى افْتَصَدَ، وَاسْتُشْكِلَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ بِمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

يَحْتَجْ لِقَائِدٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَهُ) أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَقَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ أَعَمُّ مِنْ الْعِلْمِ لَكِنَّ الْعُذْرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاعْتِقَادِ أَنْ يَعْتَقِدَ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ اجْتِهَادُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي، أَوْ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي الْفُرُوعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً فِي اعْتِقَادِهِ، وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ النَّاشِئِ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَصْلًا، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا مُصْطَلَحُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ الْحُكْمِ الْجَازِمِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ كَذَا بِخَطِّ الشِّهَابِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ أَعَمُّ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ إدْرَاكٌ جَازِمٌ يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ، وَالْعِلْمَ إدْرَاكٌ جَازِمٌ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ فَهُمَا مُتَقَابِلَانِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ الْأَوَّلُ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْغَالِبَ وَالِاعْتِقَادَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الْمُصْطَلَحَ قَدْ يُوجَدُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمُقَلِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَغْنَى) أَيْ: لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الِاعْتِقَادِ حُكْمُ الْعِلْمِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَعْلَى مِنْهُ سم (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ بِرّ. (قَوْلُهُ. لَا إنْ فَصَدَ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبَحَثَ جَمْعٌ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا نَسِيَ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً وَقَدْ يُنَافِيه تَعْلِيلُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ بِالتَّلَاعُبِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ فِي نَفْسِهِ تَلَاعُبٌ فَلَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِالنِّسْيَانِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُنْسَبُ التَّلَاعُبُ إلَى فِعْلِ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ قَصْدُهُ.

وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي بِالِافْتِصَادِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ افْتِصَادَهُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَظَاهِرٌ صِحَّةُ صَلَاتِهِ مُطْلَقًا إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَبَيَّنَ حَدَثَ الْإِمَامِ بَلْ هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْحَدَثِ إنْ تَصَوَّرَ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَ الِافْتِصَادَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ تَعَمُّدَهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى افْتَصَدَ) قَضِيَّتُهُ بِنَاءُ فَصَدَ لِلْفَاعِلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَجِبْ أَيْ: لِتُحَصِّلَ الْفَضِيلَةَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. ا. هـ

[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ: عَلِمَ مِنْهُ بُطْلَانَهَا) أَيْ: لِعِلْمِهِ أَنَّ اجْتِهَادَهُ، أَوْ اجْتِهَادَ مُقَلَّدِهِ بِالْفَتْحِ أَدَّاهُ أَيْ: أَدَّى إمَامَهُ إلَى بُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ فَهُوَ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ لِدَلِيلٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ قَطْعِيَّةً فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ) أَيْ: لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى هَذَا مُرَادُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَنَسِيَ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِلْمَهُ بِهِ. ا. هـ قَالَ سم: فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ، أَوْ جَهِلَهُ، وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدَ فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ، وَإِنْ جَهِلَهُ صَحَّ عَلِمَ الْإِمَامُ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ. ا. هـ وَقَوْلُنَا: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَلِمَهُ بِهِ فَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فَصْدَهُ، ثُمَّ صَلَّى إمَامًا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ وَإِنْ فُرِضَ دُخُولُ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَالِمًا بِالْفَصْدِ. ا. هـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَقَدْ نَسِيَ فَصْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>