للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا الْبِسَاطُ، وَفِي الثَّوْبِ الرَّقِيقِ كَالْكِرْبَاسِ رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَفِي الْكُتُبِ، وَالْوَرَقِ الْبَيَاضُ، وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: وَالْفُقَّاعُ يُفْتَحُ رَأْسُهُ فَيُنْظَرُ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُسَامَحَةَ بِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَتِهِ، وَغَيْرِهَا وَزَادَ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَيْضًا لِمَشَقَّةِ رُؤْيَتِهِ وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي الْكُوزِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ قَبْلَ سَلْخِهَا، وَلَا بَيْعَ جِلْدِهَا وَحْدَهُ، وَلَا بَيْعُ لَحْمِهَا كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْمُوطَةً يَصِحُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَأْكُولٌ (أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ، أَوْ اشْتَرَى) نَفْسَهُ فَيَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا بِأَنْ يَكُونَ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا بَلْ الْبَصِيرُ لَا يَرَى بَعْضَ نَفْسِهِ (فَلَوْ بَانَ) التَّغَيُّرُ (بِمَا) أَيْ: فِيمَا (لَا يَغْلِبُ التَّغَيُّرُ فِي مِثْلِهِ) مِمَّا اشْتَرَاهُ مُعْتَمِدًا عَلَى رُؤْيَتِهِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ بَانَ التَّغَيُّرُ (بِقَوْلِهِ) بِيَمِينِهِ (يُخَيَّرُ) بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا بَانَ فَوْتُ شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ بِمَثَابَةِ الْخُلْفِ فِي الشَّرْطِ. وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَرِضَاهُ بِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَدَعْوَى عِلْمِهِ لِعَيْبٍ، وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ سِتَّةٌ: نَفْعُهُ، وَطَهَارَتُهُ، أَوْ إمْكَانُهَا، وَقُدْرَةُ تَسْلِيمِهِ، وَالْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَالْعِلْمُ بِهِ وَرُؤْيَتُهُ. وَجَرَى عَلَى جَعْلِهَا سِتَّةً الْبَارِزِيُّ قَالَ الشَّارِحُ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الرُّؤْيَةِ دَاخِلٌ فِي اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ رُؤْيَةٍ، وَلَوْ وَصَفَ فَوَرَاءَ الْوَصْفِ أُمُورٌ تَضِيقُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ أَيْ: فَتَكُونُ الشُّرُوطُ خَمْسَةً كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَغَيْرِهِ وَأُورِدَ عَلَى حَصْرِهَا فِي الْخَمْسَةِ، أَوْ السِّتَّةِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي حَرِيمِ الْمِلْكِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لِلْمِلْكِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ كَبَيْعِ بَعْضِ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ

(بَابُ الرِّبَا) (وَفِي طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرَيْ ثَمَنٍ) هَذَا بَابُ الرِّبَا، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعِ: رِبَا الْفَضْلِ، وَهُوَ زِيَادَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَرِبَا النَّسَاءِ، وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَقَوْلُهُ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٨] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ» وَتَقْرِيرُ كَلَامِ النَّاظِمِ إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِ طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ بِمَا مَرَّ فَقَطْ، وَفِي طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ بِمَا مَرَّ (مَعَ الْحُلُولِ وَتَقَابُضٍ لَدُنْ) بِفَتْحِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيُنْظَرُ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ) هَلْ يَأْتِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ بِأَعْلَى الْهَامِشِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظَّرْفِ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ وَهَلْ يَأْتِي أَيْضًا عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّمَا سَامَحَ بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ يُسَامِحُ بِذَلِكَ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجَرَ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى؛ نَظَرًا تَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إلَخْ) كَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ نَفْسَهُ وَعَبْدَهُ، وَسَبَقَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِجَارَتُهُ لِمَا رَآهُ قَبْلَ الْعَمَى وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ عِتْقِ مَنْ لَمْ يَرَهُ، وَكَذَا وَقْفُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَهَا) عُلِمَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَبَيْعَ عَبْدِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْبَصِيرَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا الْحَدُّ غَيْرُ مَانِعٍ؛ إذْ يَدْخُلُ فِيهِ بَيْعُ صُبْرَةِ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا مَعَ الْحُلُولِ، وَالتَّقَابُضِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الصُّبْرَتَيْنِ أَنَّهُ عِوَضٌ مَخْصُوصٌ غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا رِبَا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِ اعْتِبَارِ التَّمَاثُلِ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ أَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ أَيْ: التَّمَاثُلِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ حَمْلُ أَلْ عَلَى الْعَهْدِ بِأَبْعَدَ مِنْ حَمْلِ الْعِوَضِ الْمَخْصُوصِ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَغَيْرُ جَامِعٍ؛ إذْ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ أَجَّلَا الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ أَوْ لِلتَّبَرُّعِ بِالْإِقْبَاضِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الرِّبَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْعِوَضَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ، أَوْ تَأْخِيرِ نَفْسِ الْقَبْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالتَّفَتُّحِ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: مَسْمُوطَةً) قَالَ الْقَفَّالُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّمْطِ؛ لِأَنَّ جِلْدَهَا مَأْكُولٌ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّحْمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحَلٍّ

[بَابُ الرِّبَا]

(قَوْلُهُ: عَلَى عِوَضٍ) أَيْ: عَقْدٌ وَاقِعٌ عَلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فَيَشْمَلُ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ وَمُتَّحِدَهُ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ وَمَجْهُولَهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٍ) وَلَوْ مِنْ سَيِّدِ الْعَاقِدِ أَوْ مُوَكِّلِهِ، أَوْ عَبْدِهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِإِذْنِ الْعَاقِدِ فِي الْكُلِّ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْجَمِيعِ خِلَافًا لِ سم فِي الْمَيِّت كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ جُنُونِهِ لَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَابِضُ الْعَبْدَ، أَوْ الْوَكِيلَ لِانْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، وَالْعَبْدِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ شَمَّ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>