للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَبْضُ بِالنَّقْلِ كَمَا مَرَّ وَبِوَضْعِ الْبَائِعِ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ إلَيْهِ لَنَالَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ أَوْ قَالَ: لَا أُرِيدُهُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ، وَالتَّسَلُّمِ فَجُعِلَ قَابِضًا بِذَلِكَ حُكْمًا كَمَا لَوْ وَضَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ الْمَالِكِ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِمِثْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ وَضَعَ الْمَدِينُ الدَّيْنَ بَيْنَ يَدَيْ مُسْتَحِقِّهِ فَفِي حُصُولِ التَّسْلِيمِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْحُصُولِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الدَّيْنِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَدْ جَزَمَ فِي الشُّفْعَةِ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْحُصُولِ اهـ لَكِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِخِلَافِهِ وَصِحَّةُ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِذَلِكَ إنَّمَا هِيَ لِجَوَازِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَنَقْلِ ضَمَانِهِ إلَيْهِ (لَا لِلضَّمَانِ لَوْ لِغَيْرٍ ظَهَرَا) أَيْ لَا لِضَمَانِهِ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ مُطَالَبَتُهُ إذْ ضَمَانُ الِاسْتِحْقَاقِ إنَّمَا هُوَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْيَدِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ، وَالتَّسَلُّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِأَمْرِهِ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ الضَّمَانَانِ وَلَوْ جَاءَ بِهِ الْبَائِعُ فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَصَرَّ أَمَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُهُ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا.

(فَرْعٌ)

جَعَلَ الْبَائِعَ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ لَيْسَ بِقَبْضٍ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ الظَّرْفَ وَفِي مِثْلِهِ فِي السَّلَمِ يَضْمَنُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَيَسْتَبِدُّ الْمُشْتَرِي) أَيْ يَسْتَقِلُّ (بِالْقَبْضِ إنْ وَفَّرَ) الثَّمَنَ أَيْ سَلَّمَهُ كَمَا تَسْتَبِدُّ الزَّوْجَةُ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا (أَوْ مُؤَجَّلًا كَانَ الثَّمَنْ) وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ الْقَبْضِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ أَمَّا إذَا كَانَ حَالًّا وَلَمْ يُوَفِّرْهُ فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ وَإِنْ وَفَرَّ بَعْضَهُ فَإِنْ اسْتَبَدَّ بِهِ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْحَبْسَ لِأَخْذِ الثَّمَنِ الْحَالِّ وَمِنْ هَذَا الْآتِي تُفْهَمُ مَسْأَلَةُ اسْتِبْدَادِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَذِكْرُهَا هُنَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ ثَمَّةَ

(مُقَدَّرًا حَيْثُ بِتَقْدِيرٍ عَقَدْ)

أَيْ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهِ بِلَا تَقْدِيرٍ بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ بِمَا مَرَّ وَقَبْضُهُ حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهِ مَعَ تَقْدِيرٍ بِأَحَدِهَا بِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية العبادي]

الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ أَوْ لَا يُمْكِنُ الْمُشْتَرِيَ نَقْلُهُ إلَّا بِمُعَاوِنٍ أَوْ لَا فَرْقَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ نَزَّلُوا وَضْعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ الَّذِي هُوَ بِنَقْلِ الْبَائِعِ إلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَنْزِلَةِ نَقْلِهِ هُوَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُ عِبَارَتِهِمْ يَقْتَضِي الثَّانِيَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَمَامَهُ، أَوْ خَلْفَهُ أَوْ يَمِينَهُ، أَوْ يَسَارَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ الْمَدِينُ) الدَّيْنَ شَامِلٌ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ م ر.

(قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْحُصُولِ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الِاسْتِيلَاءِ. . . إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُجَرَّدِ كَوْنِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ قَبْلَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ الضَّمَانَانِ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْيَدِ م ر.

(قَوْلُهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا تَسْتَبِدُّ الزَّوْجَةُ) هَلَّا قَالُوا كَمَا يَسْتَبِدُّ الزَّوْجُ بِتَسَلُّمِ الزَّوْجَةِ إذَا سَلَّمَ الصَّدَاقَ، لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ نَظِيرُ الْمُشْتَرِي، وَالصَّدَاقُ نَظِيرُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الرَّدُّ) وَلَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ فَيُطَالَبُ بِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إنْ تَلِفَ وَلَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ اسْتِرْدَادِهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَالْأَنْوَارِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا فِيهَا سَبْقُ قَلَمٍ حَجَرٌ ع لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الِانْفِسَاخُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ اسْتِرْدَادِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ م ر. (قَوْلُهُ: مُقَدَّرًا) حَالٌ مِنْ الْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ بِدُونِ التَّقْدِيرِ مُتَعَلِّقٌ بِنَقْلِ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبَائِعُ مَعَهُ. اهـ. لَكِنْ جَزَمَ م ر وَحَجَرٌ بِاشْتِرَاطِ النَّقْلِ هُنَا اهـ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِهِ) أَيْ وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِهِ. اهـ. م ر وَع ش، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْوِيتِهِ مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَجْبُرهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) أَيْ لِيَخْرُجَ الْبَائِعُ عَنْ عُهْدَةِ ضَمَانِ اسْتِقْرَارِ الْيَدِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِوَضْعِ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَفَى الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْقَبْضِ. اهـ. حَجَرٌ.

[فَرْعٌ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ]

(قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ ق ل (قَوْلُهُ مُقَدَّرًا. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قَبَضَ جُزَافًا أَوْ وَزَنَ مَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا أَوْ عَكَسَ أَوْ أَخْبَرَهُ الْمَالِكُ أَيْ بِقَدْرِهِ وَصَدَّقَهُ وَقَبَضَ أَيْ أَخَذَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَا قَابِضٌ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ اهـ وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِالِانْفِسَاخِ وَكَتَبَ بِخَطِّهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ اعْتِمَادَ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ كَمَا قَالَ م ر عَلَى الْفَتَاوَى لِمُلَازَمَتِهِ النَّظَرَ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَتَاوَى وَأَيْضًا فَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الرِّبَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَالضَّمَانُ ضَمَانُ عَقْدٍ وَهَلْ إتْلَافُ الْبَائِعِ كَالتَّلَفِ فَلَا يَنْفَسِخُ أَوْ لَا فَيَنْفَسِخُ وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلثَّانِي. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ.

وَقَالَ م ر فِيمَا إذَا اسْتَبَدَّ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ، وَالثَّمَنُ حَالٌّ لَمْ يُوَفِّرْهُ إنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ ضَمَانَ يَدٍ فَقَطْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذَا أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ أَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَرَضَ مَا تَقَدَّمَ بِهَذَا وَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِيمَا تَقَدَّمَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَإِنَّمَا الْفَائِتُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>