للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ وقَوْله تَعَالَى كَانُوا قليلا من الليل ما يهجعون قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ الْهُجُوعُ النَّوْمُ فِي اللَّيْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَقِيلَ إنَّ مَا صِلَةٌ وَالْمَعْنَى كَانُوا يَهْجَعُونَ قَلِيلًا مِنْ الليل ويصلون أكثره وقيل معناه كان الليل الذى ينامونه قَلِيلًا وَقِيلَ بِالْوَقْفِ عَلَى قَلِيلًا أَيْ كَانُوا قَلِيلًا مِنْ النَّاسِ ثُمَّ يُبْتَدَأُ مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ أَيْ لَا يَنَامُونَ شَيْئًا مِنْهُ وَضُعِّفَ هَذَا الْقَوْلُ وَالْأَسْحَارُ جَمْعُ سَحَرٍ وَهُوَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ السَّحَرُ السُّدُسُ الْآخِرُ مِنْ اللَّيْلِ وقوله فان جزأ اليل ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ يُقَالُ جَزَّأَ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا لغتان فصيحتان حكاهما ابن السكيت وغيره وبعدهما هَمْزَةٌ أَيْ قَسَّمَ

* أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَقِيَامُ الليل سنة متؤكدة وَقَدْ تَطَابَقَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِيهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ وَالتَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ بِلَا سَبَبٍ فِي اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي النَّهَارِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ مَعَ ما ذكره المصنف فان قسم لليل

نِصْفَيْنِ فَالنِّصْفُ الْآخِرُ أَفْضَلُ وَإِنْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا مُسْتَوِيَةً فَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُهَا وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ فِي صَلَاةِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِمْ بِقَوْلِهِمْ الثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّتْ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ كُلَّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ غَيْرَ أَيَّامِ النَّهْيِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا فَالْجَوَابُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ كُلِّهِ دَائِمًا يَضُرُّ الْعَيْنَ وَسَائِرَ الْبَدَنِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي اللَّيْلِ ما فاته

<<  <  ج: ص:  >  >>