للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند ربي يطعمنى ويسقيني " وهل هو كراهة تحريم أو كراهة تنزيه فيه وجهان

(أحدهما)

أنه كراهة تحريم لان النهي يقتضي التحريم

(والثانى)

أنه كراهة تنزيه لانه إنما نهى عنه حتي لا يضعف عن الصوم وذلك أمر غير محقق فلم يتعلق به أثم فان واصل لم يبطل صومه لان النهي لا يرجح إلى الصوم فلا يوجب بطلانه}

* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والوصال بكسر الواو ويطعمني بضم الياء ويسقيي بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ (وَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْهُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا

* أَمَّا حُكْمُ الْوِصَالِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَهَلْ هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ أَمْ تَنْزِيهٍ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَهُمَا مَشْهُورَانِ وَدَلِيلُهُمَا فِي الْكِتَابِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ رَسُولِهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي أُمُورٍ أَبَاحَهَا لَهُ وَحَظَرَهَا عَلَيْهِمْ وَذَكَرَ مِنْهَا الْوِصَالَ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا بِتَصْحِيحِ تَحْرِيمِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ والخطابى في المعالم وسليم الدارى فِي الْكِفَايَةِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ فِي كِتَابِهِ الْكَافِي وَآخَرُونَ كُلُّهُمْ صَرَّحُوا بِتَحْرِيمِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَحَقِيقَةُ الْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أن يَصُومُ يَوْمَيْنِ فَصَاعِدًا وَلَا يَتَنَاوَلُ فِي اللَّيْلِ شَيْئًا لَا مَاءً وَلَا مَأْكُولًا فَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا يَسِيرًا أَوْ شَرِبَ فَلَيْسَ وِصَالًا وَكَذَا إنْ أَخَّرَ الْأَكْلَ إلَى السَّحَرِ لِمَقْصُودٍ صَحِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ بِوِصَالٍ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الوصال أن لا يَأْكُلَ وَلَا يَشْرَبَ وَيَزُولُ الْوِصَالُ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَإِنْ قَلَّ صَاحِبُ الْحَاوِي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَخَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا قَوْلُ الْمَحَامِلِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الْبَنْدَنِيجِيِّ

فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ والبغوى في التهذيب الوصال أن لا يَأْكُلَ شَيْئًا فِي اللَّيْلِ وَخَصُّوهُ بِالْأَكْلِ فَضَعِيفٌ بَلْ هُوَ مُتَأَوِّلٌ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَصْحَابِ وَيَكُونُ مُرَادُهُمْ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِ أَحَدِ الْقَرِينَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (سرابيل تقيكم الحر) أَيْ وَالْبَرْدَ وَنَظَائِرُهُ مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ بَالَغَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي بَيَانِ مَا يَزُولُ بِهِ الْوِصَالُ فَقِيلَ يَزُولُ الْوِصَالُ بِقَطْرَةٍ يَتَعَاطَاهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَا يَكْفِي اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَنْ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فَقَدْ أَفْطَرَ هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ (وَاعْلَمْ) أَنَّ الْجُمْهُورَ قَدْ أَطْلَقُوا فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْوِصَالِ أَنَّهُ صَوْمُ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ فِي الليل وقال الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ الْوِصَالُ أَنْ يَصِلَ صَوْمَ اللَّيْلِ بِصَوْمِ النَّهَارِ قَصْدًا فَلَوْ تَرَكَ الْأَكْلَ بِاللَّيْلِ لَا عَلَى قَصْدِ الْوِصَالِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ بِهِ لَمْ يُحَرَّمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>