للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَرْعٌ} قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ صَحَّ نَذْرُهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَتَكُونُ الْأَعْيَادُ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَشَهْرُ رمضان وقضاؤه مستثناة فان فاته شئ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَزَالَ الْعُذْرُ لَزِمَهُ قَضَاءُ فَائِتِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ النَّذْرِ وهل يكون نذره متناولا لايام القضاء فِيهِ طَرِيقَانِ

(أَحَدُهُمَا)

لَا يَكُونُ لِأَنَّ تَرْكَ الْقَضَاءِ مَعْصِيَةٌ فَتَصِيرُ أَيَّامُ الْقَضَاءِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ فلا تدخل فِي النَّذْرِ فَعَلَى هَذَا يَقْضِي عَنْ رَمَضَانَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ النَّذْرِ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ

(وَالثَّانِي)

وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِيهِ وجهان حكاهما البند نيجى وَأَبُو الْقَاسِمِ الْكَرْخِيُّ شَيْخُ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَحَكَاهُمَا صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ

(أَحَدُهُمَا)

هُوَ كَالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (وَالثَّانِي) يَتَنَاوَلُهَا النَّذْرُ لِأَنَّهُ كَانَ يُتَصَوَّرُ صَوْمُهَا عَنْ نَذْرِهِ فَأَشْبَهَتْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَيَّامِ بِخِلَافِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَعَلَى هَذَا إذَا قَضَى رَمَضَانَ هَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

لَا كَمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَدَامَ عُذْرُهُ حَتَّى مَاتَ (وَالثَّانِي) يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى صَوْمِهِ عَنْ النَّذْرِ فَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْفِدْيَةَ فِي حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ به فصار كالشيخ الهرم هكذا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ هَذَا الْحُكْمُ جَارٍ سَوَاءٌ فَاتَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا

كُلُّهُمْ وَهَكَذَا الْحُكْمُ إذَا نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ ثُمَّ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالصَّوْمِ فَيَجِبُ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالشَّرْعِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَتْ آكَدَ مِنْ النَّذْرِ الَّذِي يُوجِبُهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُ الْفِدْيَةِ عَنْ صَوْمِ النَّذْرِ مَا سَبَقَ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ إذَا صَامَ عَنْ الْكَفَّارَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ وَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ وَإِلَّا فَتَجِبُ قَالُوا وَلَوْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ صَوْمَ الدَّهْرِ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا فَإِنْ مَنَعَهَا فَلَا قَضَاءَ وَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا أَوْ مَاتَ لَزِمَهَا الصَّوْمُ فان افطرت بلا عذرا اثمت ولزمتها الفدية *

قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

*

<<  <  ج: ص:  >  >>