للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ أَرَادَ دُخُولَ الحرم لحاجة لا تكرر كَالتِّجَارَةِ وَالزِّيَارَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهَا

* قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ وَلَا يَجِبُ سَوَاءٌ قَرُبَتْ دَارُهُ مِنْ الْحَرَمِ أَمْ بَعُدَتْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ

* وَقَالَ مالك وأحمد يلزمه

* وقال أبو حنيفة يلزمه إنْ كَانَتْ دَارُهُ فِي الْمِيقَاتِ أَوْ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ جَازَ دُخُولُهُ بِلَا إحْرَامٍ وَإِلَّا فَلَا

* وَاحْتَجُّوا لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ

* وَاحْتَجَّ كَثِيرُونَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) وَدَلِيلُنَا الصح حَدِيثُ (آلْحَجُّ كُلَّ عَامٍ قَالَ لَا بَلْ حَجَّةٌ) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ قَرِيبًا وَلِأَنَّهُ تَحِيَّةٌ لِبُقْعَةٍ فَلَمْ تَجِبْ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (وَأَمَّا) قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيُعَارِضُهُ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَاهُ وَاجِبًا (وَأَمَّا) حَدِيثُ (لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي) فَالْمُرَادُ بِهِ الْقِتَالُ كَمَا سَبَقَ وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي الْإِحْرَامَ وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْقِتَالِ وَقَدْ سَبَقَ تَأْوِيلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا قُلْنَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ الْحَرَمِ فَدَخَلَ بِغَيْرِ إحرام عصى والمذهب

أنه لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ

* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاصِّ مِنْ أَصْحَابِنَا إذَا صَارَ حَطَّابًا وَنَحْوَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَابْنِ الْقَاصِّ بقول إنَّمَا يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ لِلْخَوْفِ مِنْ التَّسَلْسُلِ فَإِذَا صَارَ حَطَّابًا زَالَ التَّسَلْسُلُ فَإِنَّ الْحَطَّابَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِلدُّخُولِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَجَبَ لِحُرْمَةِ الدُّخُولِ وَالْبُقْعَةِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فَاتَ وَلَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا جَلَسَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلِّهَا فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُ قَضَاؤُهَا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا وَالصَّوَابُ فِيهَا مَا قَدَّمْنَاهُ هنا

<<  <  ج: ص:  >  >>