للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّ الْإِجْمَالَ وَقَعَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِهِ دُونَ صِيغَةِ لَفْظِهَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ اسْمٌ لغوى لم يَرِدْ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ وَمَعْنَاهُ مَعْقُولٌ لَكِنْ لَمَّا قَامَ بِإِزَائِهِ مِنْ الشَّبَهِ مَا يُعَارِضُهُ بدافع الْعُمُومَانِ وَحْدَهُمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْمُرَادُ مِنْهُمَا إلَّا بِبَيَانِ الشَّبَهِ فَصَارَا مُجْمَلَيْنِ لِهَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُشْكِلُ الْمَعْنَى

*

(وَالثَّانِي)

أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمَلٌ وَالْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنْهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ مَا وَقَعَ عليه الاسم وتبينا أَنَّ لَهُ شَرَائِطَ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً فِي اللغة خرج اللفظ بالشرائط عن موضوعه فاللغة إلَى مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ شَرَائِطُ الشَّرْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ مَعْقُولَةٌ كَمَا قُلْنَا فِي الصَّلَاةِ إنَّهَا مُجْمَلَةٌ لِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ شَرَائِطَ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً فِي اللُّغَةِ كَالْخُضُوعِ فكذلك البيع قال الماوردى وعلى الوجهين جميعا لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِهَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعٍ وَلَا فَسَادِهِ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْمُجْمَلِ حَيْثُ جَازَ الِاسْتِدْلَال بِظَاهِرِ الْعُمُومِ وَلَمْ يَجُزْ الِاسْتِدْلَال بِظَاهِرِ الْمُجْمَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا فَيَكُونُ عُمُومًا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ وَمُجْمَلًا لَحِقَهُ التَّفْسِيرُ لِقِيَامِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وَجْهِ دُخُولِ ذَلِكَ فِيهِمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنَّ الْعُمُومَ فِي اللَّفْظِ وَالْإِجْمَالَ فِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ اللَّفْظُ عَامًّا مَخْصُوصًا وَالْمَعْنَى مُجْمَلًا لَحِقَهُ التَّفْسِيرُ

(وَالثَّانِي)

أَنَّ الْعُمُومَ فِي قَوْله تعالى (وأحل الله البيع) والاجمال في قوله (وحرم الربا) (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ كَانَ مُجْمَلًا فَلَمَّا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ عَامًّا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْمُجْمَلِ قَبْلَ

الْبَيَانِ وَفِي الْعُمُومِ بَعْدَ الْبَيَانِ قَالَ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِظَاهِرِهَا فِي الْبُيُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَالْقَوْلِ الثَّانِي (وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ) إنَّهَا تَنَاوَلَتْ بَيْعًا مَعْهُودًا وَنَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ أَحَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُيُوعًا وَحَرَّمَ بُيُوعًا فَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) أَيْ الْبَيْعَ الَّذِي بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلُ وَعَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ فَتَنَاوَلَتْ الْآيَةُ بَيْعًا مَعْهُودًا وَلِهَذَا دَخَلَتْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِأَنَّهُمَا لِلْعَهْدِ أَوْ للجنس ولا يكون الجنس هنا مراد الخروج بَعْضِهِ عَنْ التَّحْلِيلِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَهْدُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِظَاهِرِهَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعٍ وَلَا فَسَادِهِ بَلْ يُرْجَعُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِمَا تَقَدَّمَهَا مِنْ السُّنَّةِ الَّتِي عُرِفَ بِهَا الْبُيُوعُ الصَّحِيحَةُ فَيَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُجْمَلِ مِنْ وَجْهٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعُمُومِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>