للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(السَّادِسَةُ) إذَا اُسْتُفْتِيَ فَأَفْتَى ثُمَّ حَدَثَتْ تِلْكَ الْوَاقِعَةُ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَهَلْ يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ السُّؤَالِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ رأى المفتى والثانى يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ (١) لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْمُفْتَى عَلَيْهِ: وَخَصَّصَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْخِلَافَ بِمَا إذَا قَلَّدَ حَيًّا وَقَطَعَ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ مَيِّتٍ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ فَإِنَّ الْمُفْتِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْمَيِّتِ قَدْ يَتَغَيَّرُ جوابه على مذهبه (٢)

* (السَّابِعَةُ) أَنْ يَسْتَفْتِيَ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ ثِقَةً يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ لِيَسْتَفْتِيَ لَهُ وَلَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَطِّ الْمُفْتِي إذَا أَخْبَرَهُ مَنْ يَثِقُ بِقَوْلِهِ أَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَلَمْ يَتَشَكَّكْ فِي كَوْنِ ذَلِكَ الْجَوَابِ بِخَطِّهِ

* (الثَّامِنَة) يَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَتَأَدَّبَ مَعَ الْمُفْتِي وَيُبَجِّلَهُ فِي خِطَابِهِ وَجَوَابِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يُومِئَ بِيَدِهِ فِي وَجْهِهِ وَلَا يَقُلْ لَهُ مَا تَحْفَظُ فِي كَذَا أَوْ مَا مَذْهَبُ إمَامِكَ أَوْ الشَّافِعِيِّ فِي كَذَا وَلَا يَقُلْ إذَا أَجَابَهُ هَكَذَا قُلْتُ أَنَا أَوْ كَذَا وَقَعَ لِي وَلَا يَقُلْ أَفْتَانِي فُلَانٌ أَوْ غَيْرُكَ بِكَذَا وَلَا يَقُلْ إنْ كَانَ جَوَابُكَ مُوَافِقًا لِمَنْ كَتَبَ فَاكْتُبْ وَإِلَّا فَلَا تَكْتُبْ وَلَا يَسْأَلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ مُسْتَوْفِزٌ أَوْ عَلَى حَالَةِ ضَجَرٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُشْغِلُ الْقَلْبَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَسَنِّ الْأَعْلَمِ مِنْ الْمُفْتِينَ وَبِالْأَوْلَى فَالْأَوْلَى إنْ أراد جمع الاجوبة في رقعة قان أَرَادَ إفْرَادَ الْأَجْوِبَةِ فِي رِقَاعٍ بَدَأَ بِمَنْ شَاءَ وَتَكُونُ رُقْعَةُ الِاسْتِفْتَاءِ وَاسِعَةً لِيَتَمَكَّنَ الْمُفْتِي مِنْ اسْتِيفَاءِ الْجَوَابِ وَاضِحًا لَا مُخْتَصَرًا مُضِرًّا بِالْمُسْتَفْتِي: وَلَا يَدَعُ الدُّعَاءَ فِي رُقْعَةٍ لِمَنْ يَسْتَفْتِيهِ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى فَتْوَى وَاحِدٍ قَالَ مَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ أَوْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ أَوْ وَفَّقَكَ اللَّهُ وَسَدَّدَكَ وَرَضِيَ عَنْ وَالِدَيْكَ: وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ وَإِنْ أَرَادَ جَوَابَ جَمَاعَةٍ قَالَ مَا تَقُولُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ أَوْ مَا تَقُولُ الْفُقَهَاءُ سَدَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَيَدْفَعُ الرُّقْعَةَ إلَى الْمُفْتِي مَنْشُورَةً وَيَأْخُذُهَا مَنْشُورَةً

فَلَا يحوجه إلى نشرها ولا إلى طيها

* (التَّاسِعَة) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاتِبُ الرُّقْعَةِ مِمَّنْ يحسن السؤالى وَيَضَعُهُ عَلَى الْغَرَضِ مَعَ إبَانَةِ الْخَطِّ وَاللَّفْظِ وَصِيَانَتِهِمَا عَمَّا يَتَعَرَّضُ لِلتَّصْحِيفِ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ يَحْرِصُ أَنْ يَكُونَ كَاتِبُهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ لَهُ رِيَاسَةٌ لَا يُفْتِي إلَّا فِي رُقْعَةٍ كَتَبَهَا رَجُلٌ بِعَيْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِهِ

* وَيَنْبَغِي لِلْعَامِّيِّ أَنْ لَا يُطَالِبَ الْمُفْتِيَ بِالدَّلِيلِ وَلَا يَقُلْ لِمَ قُلْتَ فان أحب ان تسكن نفسه بسماع الْحُجَّةِ طَلَبَهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَعْدَ قَبُولِ الْفَتْوَى مُجَرَّدَةً: وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ لَا يُمْنَعُ مِنْ طَلَبِ الدَّلِيلِ وَأَنَّهُ


(١) وفي هامش نسخة الاذرعي ما نصه: قال قبل هذا في المسألة الثامنة من احكام المفتين قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ فِي آخِرِ بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَكَذَا الْعَامِّيُّ إذَا وقعت له مسألة فليسأل عنها ثم وقعت له فيلزمه السُّؤَالُ ثَانِيًا يَعْنِي عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةً يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ عَنْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكْفِيهِ السؤال الاول للمشقة اه وهذا مخالف لما ذكره هنا في شيئين: احدهما ما استثناه من كثرة وقوع المسألة وعدمه وكانه أخرجه من محل الخلاف وأقره عليه: الثاني اختلاف الترجيح ولا يقال ان الترجيح للقاضي قطع به وانما نبه المصنف على انه الراجح بقوله يعني على الاصح اه: (٢) هذا فيه نظر لا سيما إذا كان ذلك الميت لا خلاف في مذهبه في ذلك الحكم والمفتي على مذهب الميت إذا كان مقلدا له لا يسوغ له مخالفته فأي فائدة في ايجاب السؤال ثانيا فالذي قاله صاحب الشامل حسن اه من هامش نسخة الاذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>