للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث أمركم الله) فان وطئها مع العلم بالتحريم ففيه قولان قال في القديم ان كان في أول الدم لزمه أن يتصدق بدينار وان كان في آخره لزمه أن يتصدق بنصف دينار لما روى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال في الذى يأتي امرأته وهى حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار وقال في الجديد لا يجب لانه وطئ محرم للاذى فلم تتعلق به الكفارة كالوطئ في الدبر]

* [الشرح] أجمع المسلمون علي تحريم وطئ الْحَائِضِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى كَبِيرَةً قَالَ أَصْحَابُنَا وغيرهم من استحل وطئ الْحَائِضِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ قَالُوا وَمَنْ فَعَلَهُ جَاهِلًا وُجُودَ الْحَيْضِ أَوْ تَحْرِيمَهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ لِحَدِيثِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ انه يجئ عَلَى الْقَدِيمِ قَوْلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِي كفارة كالعامد وهذا ليس بشئ وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَيْضِ وَتَحْرِيمِهِ مُخْتَارًا فَفِيهِ قَوْلَانِ الصَّحِيحُ الْجَدِيدُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بل يعذر وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَتُوبُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفِّرَ الْكَفَّارَةَ الَّتِي يُوجِبُهَا الْقَدِيمُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُمَا وَالْكَفَّارَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْقَدِيمِ دِينَارٌ إنْ كَانَ الْجِمَاعُ فِي إقْبَالِ الدَّمِ وَنِصْفُ دِينَارٍ إنْ كَانَ فِي إدْبَارِهِ وَالْمُرَادُ بِإِقْبَالِ الدَّمِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْفُورَانِيُّ وامام الحرمين وجها عن الاستاذ ابي اسحق الاسفراينى أَنَّ إقْبَالَهُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ وَإِدْبَارَهُ مَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ اغْتِسَالِهَا وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَقَبْلَ الِاغْتِسَالِ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَدَلُّوا لِهَذَا الْقَوْلِ الْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ وَحَمَلُوا قَوْلَهُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ عَلَى التَّقْسِيمِ وَأَنَّ الدِّينَارَ فِي الْإِقْبَالِ وَالنِّصْفَ فِي الْإِدْبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>