للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

قال الشيخ كمال الدين بن الزملكاني في كتابه المسمى (تحقيق الأولى من أهل الرفيق الأعلى) قد أطلق الإمام فخر الدين الرازي القول بأن الملائكة رسل الله، واحتج عليه بقوله تعالى (جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً) فاطر: ١ واعترض عليه بقوله تعالى (إِنّ اللَهَ يَصطَفي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاس) الحج: ٧٥ وأجاب عنه بأن من النبيين؛ لا للتبعيض، وفي كلام غيره من العلماء منهم القاضي عياش وغيره ما يدل على أن منهم الرسل ومنهم من ليس برسول، قال: وكلام فخر الدين الرازي في المطالب العالية يقتضي ترتيبهم على درجات، قال: واعلم أن الله تعالى ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم، أما الأصناف فأعلاهم درجة حملة العرش، والمرتبة الثانية الحافون بالعرش، والمرتبة الثالثة أكابر الملائكة: منهم جبريل وإسرافيل وعزرائيل، القسم الرابع ملائكة الجنة، القسم الخامس الموكلون ببني آدم، القسم السادس الملائكة لتخصيصهما بالذكر في قوله تعالى: (مَن كانَ عَدواً لِلِهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبريلَ وَميكائيل) البقرة: ٩٨ وأن جبريل أفضل من ميكائيل لأن الله قدمه في الذكر على ميكائيل وسببه أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء والعلم، وميكائيل صاحب الأرزاق؛ والخيرات النفسانية أفضل من الخيرات الجسمانية، ولأنه سمى روح القدس ولأنه ينصر أولياء الله ويقهر أعداء الله، وقال الراغب: كل نوع من الملائكة له مقام كما قال تعالى حكاية عنهم: (وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعلوم) الصافات: ١٦٤ وهم على القول المجمل ثلاثة أضرب: ضرب إليهم تدبير الأجرام السماوية، وضرب إليهم تدبير الأركان الهوائية، وضرب إليهم تدبير الأمور الأرضيةن وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله (فَالمُدَبِراتِ أمرا) النازعات: ٥ فالذين إليهم تدبير الأجرام السماوية هم المقربون المعنيون بقوله تعالى (لَن يَستَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبداً لِلِه وَلا المَلائِكَة المُقَرَبون) النساء: ١٧٢ وقال بعضهم: سبعة: إسرافيل وجبريل وميكائيل وملك الموت ورضوان ومالك وروح القدس، وأما الضرب الذين إليهم تدبير الأركان الهوائية كالذي يأتي بصوت الرعد والذي يزجي السحاب، والضرب الذي إليهم تدبير الأرض كالملك الذي يأتي الجنين فينفخ فيه الروح، وكالحفظة، والرقيب والعتيد، والمعقبات في قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِباتُ مِن بَينَ يَديهِ وَمِن خَلفِهِ) الرعد: ١١.

انتهى ذلك والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين.

تم الكتاب بحمد الملك الوهاب

على يد أفقر العباد

سليمان ابن الشيخ عبد الجواد الطويل العمر

في ثاني محرم سنة تسعين بعد الألف.

<<  <