للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَحْشَتِهَا مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ قَبْلَ غَيْرِي، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ رَدَّا عَلَى النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ مَعْصِيَةً.

(الثَّانِي) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَوَّلَ دَاخِلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ دَاخِلِ الْجَنَّةِ» فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ مُضَادًّا لِخَبَرِ النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ مَعْصِيَةً.

(الثَّالِثُ) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ الْأَغْنِيَاء يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْفُقَرَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «الْفُقَرَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ» فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ مُضَادًّا لِلْحَدِيثِ فَيَكُونُ مَعْصِيَةً وَلَا يَكُونُ كُفْرًا لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ

(الْقِسْمُ السَّابِعُ) مِنْ الدُّعَاءِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ وَهُوَ الدُّعَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت وَلَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَلَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَدَّرْت غَيْرَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ النَّظَائِرَ لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت وَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ» وَسِرُّهُ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ عَرِيَ عَنْ إظْهَارِ الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُشْعِرُ بِغِنَى الْعَبْدِ عَنْ الرَّبِّ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَوَحْشَتِهَا مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ قَبْلَ غَيْرِي، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ» فَيَكُونَ هَذَا الدُّعَاءُ رَدًّا عَلَى النُّبُوَّةِ فَيَكُونَ مَعْصِيَةً. الثَّانِي أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَوَّلَ دَاخِلٍ الْجَنَّةَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ دَاخِلِ الْجَنَّةِ» فَيَكُونَ هَذَا الدُّعَاءُ مُضَادًّا لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ الْأَغْنِيَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْفُقَرَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَعْصِيَةً) قُلْت قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا مُضَادَّةَ بَيْنَ التَّكْلِيفِ بِطَلَبِ أَمْرٍ وَنُفُوذِ الْقَضَاءِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ وَمُدَّعِي ذَلِكَ مُطَالَبٌ بِالدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلٍ إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى الْمُضَادَّةِ.

. قَالَ (الْقِسْمُ السَّابِعُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ وَهُوَ الدُّعَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت وَلَا إلَّا إنْ تَشَاءَ وَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ قَدَّرْت غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْت وَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ» وَسِرُّهُ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ عَرِيَ عَنْ إظْهَارِ الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُشْعِرُ بِغِنَى الْعَبْدِ عَنْ الرَّبِّ) قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

أَبِي حَنِيفَةَ أَنْكَرْنَا عَلَيْهِ، وَإِنْ رَأَيْنَاهُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمًا، وَلَا تَحْلِيلًا، وَالْمَدَارِكُ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ مُتَقَارِبَةٌ أَرْشَدَ لِلتَّرْكِ بِرِفْقٍ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَتَوْبِيخٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ الْمَنْدُوبِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَنْدُوبَاتِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ هَكَذَا أَيْ الْمَكْرُوهَاتِ شَأْنُهَا الْإِرْشَادُ مِنْ غَيْرِ تَوْبِيخٍ

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْمَنْدُوبَاتُ وَالْمَكْرُوهَاتُ يَدْخُلُهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ]

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) يَدْخُلُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْشَادِ لِلْوَرَعِ وَلِمَا هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِ تَعْنِيفٍ، وَلَا تَوْبِيخٍ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى أَفَادَهُ الْأَصْلُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ شَرْطُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ النُّجُومِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ)

وَهُوَ أَنَّ تَعَلُّمَ النُّجُومِ إنْ كَانَ لِمَا تَعْرِفُ بِهِ الْقِبْلَةَ كَالْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ تَعَلُّمَ هَذَا الْقِسْمِ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ قَالَ الْأَصْلُ: لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ مِنْ التَّوَجُّهِ لِلْكَعْبَةِ لَا يَسُوغُ فِيهِ التَّقْلِيدُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى التَّعَلُّمِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَمُعْظَمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ فِي النُّجُومِ فَيَجِبُ تَعَلُّمُ مَا تُعْلَمُ بِهِ الْقِبْلَةُ اهـ وَإِنْ كَانَ لِمَا تُعْرَفُ بِهِ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْهَا فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ الْأَصْلُ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ إلَّا الزَّوَالَ، فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ التَّقْلِيدِ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْأَوْقَاتِ وَاجِبَةٌ يَكُونُ مَا تُعْرَفُ بِهِ الْأَوْقَاتُ فَرْضَ كِفَايَةٍ اهـ وَإِنْ كَانَ لِمَا يُعِينُ عَلَى الْأَسْفَارِ، وَيُخْرِجُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَهُوَ مَوْطِنُ الِاسْتِحْبَابِ قَالَ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَحْكَامِ النُّجُومِ مَا يَهْتَدِي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَتُعْرَفُ مَوَاضِعُهَا مِنْ الْفَلَكِ، وَأَوْقَاتُ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: ٩٧] اهـ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ لِمَا يُعْرَفُ بِهِ نُقْصَانُ الشَّهْرِ وَوَقْتُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالْكُسُوفَاتِ فَمَكْرُوهٌ قَالَ الْأَصْلُ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا مَا يُفْضِي إلَى مَعْرِفَةِ نُقْصَانِ الشَّهْرِ وَوَقْتِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَكْرُوهٌ، وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ اشْتِغَالٌ بِغَيْرِ مُفِيدٍ قَالَ، وَكَذَلِكَ مَا يُعْرَفُ بِهِ الْكُسُوفَاتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي شَيْئًا وَيُوهِمُ الْعَامَّةَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ بِالْحِسَابِ فَيُزْجَرُ عَنْ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ اهـ، وَإِنْ كَانَ لِمَا يُعْرَفُ بِهِ نُزُولُ الْأَمْطَارِ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>