للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاعْتِبَارِ الرَّبْطِ الْعَادِي لَا الْفِعْلِ الْحَقِيقِيِّ وَهَذَا الْقِسْمُ لَمْ أَرَ أَحَدًا كَفَرَ بِهِ بَلْ أَثِمَ وَأَخْطَأَ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ لَوْ كَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ مَعَهَا أَكْثَرِيًّا غَالِبًا كَالْأَدْوِيَةِ أَمْكَنَ اعْتِقَادُ ذَلِكَ وَجَوَازُهُ شَرْعًا لَكِنْ وَجَدْنَا الْعَادَةَ غَيْرَ مُنْضَبِطَةٍ فِي ذَلِكَ وَلَا هِيَ أَكْثَرِيَّةٌ فَكَانَ اعْتِقَادُ ذَلِكَ خَطَأً كَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ عَقَارًا مُعَيَّنًا يُبْرِئُهُ مِنْ الْحُمَّى وَلَمْ تَدُلَّ التَّجْرِبَةُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا الِاعْتِقَادَ يَكُونُ خَطَأً.

(الْفَرْقُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ وَقَاعِدَةِ مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَكَذَلِكَ الْحَرَجِ الْمُطْلَقِ وَمُطْلَقِ الْحَرَجِ وَالْعِلْمِ الْمُطْلَقِ وَمُطْلَقِ الْعِلْمِ وَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَمُطْلَقِ الْبَيْعِ وَجَمِيعِ هَذِهِ النَّظَائِرِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَالْقَاعِدَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ النَّظَائِرِ) وَتَقْرِيرُهُ أَنْ نَقُولَ: إذَا قُلْنَا: الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ فَقَدْ أَدْخَلْنَا الْأَلْفَ وَاللَّامَ عَلَى الْبَيْعِ فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعُمُومُ الشَّامِلُ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْبَيْعِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْعٌ إلَّا دَخَلَ فِيهِ ثُمَّ وَصَفْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدٍ يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَاحِقِ لِلْعُمُومِ مِمَّا يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ لَمْ يَدْخُلْهُ تَخْصِيصٌ مَعَ عُمُومٍ فِي نَفْسِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: مُطْلَقُ الْبَيْعِ فَقَدْ أَشَرْنَا بِقَوْلِنَا مُطْلَقُ إلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ أَنْوَاعِ جَمِيعِ الْبِيَاعَاتِ وَهُوَ مُسَمَّى الْبَيْعِ الَّذِي يَصْدُقُ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ ثُمَّ أُضِيفَ هَذَا الْمُطْلَقُ الْمُشَارُ إلَيْهِ إلَى الْبَيْعِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ مُطْلَقِ الْحَيَوَانِ وَمُطْلَقِ الْأَمْرِ وَمُطْلَقِ غَيْرِهِ وَمُطْلَقَاتِ جَمِيعِ الْحَقَائِقِ فَأَضَفْنَاهُ لِلتَّمْيِيزِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ خَاصَّةً الَّذِي يَصْدُقُ بِفَرْدٍ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فَإِنَّ هَذَا الِاعْتِقَادَ يَكُونُ خَطَأً) قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا وَلَا صَوَابًا فَلَيْسَ بِخَطَأٍ فَقَطْ بَلْ خَطَأٌ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الِارْتِبَاطِ وَمَمْنُوعٌ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (الْفَرْقُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ وَمُطْلَقِ الْأَمْرِ إلَى قَوْلِهِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ لَمْ يَدْخُلْهُ تَخْصِيصٌ مَعَ عُمُومِهِ فِي نَفْسِهِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ: فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الدَّاخِلَتَيْنِ عَلَى أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ تَقْتَضِي الْعُمُومَ الِاسْتِغْرَاقِيَّ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُفَصِّلَ فَيَقُولَ: إذَا قَالَ الْقَائِلُ: الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعَهْدَ فِي الْجِنْسِ أَوْ يُرِيدَ بِهِمَا الْعُمُومَ وَالشُّمُولَ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَقَوْلُهُ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي عَلَى رَأْيِ مَنْ أَثْبَتَهُ فَلَيْسَا سَوَاءً بَلْ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ لِلْعُمُومِ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَمَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ وَاللَّامُ فِي الْأَمْرِ الْمَوْصُوفِ بِالْمُطْلَقِ لِلْعُمُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا فِي الْأَمْرِ الْمُضَافِ إلَى الْمُطْلَقِ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ يَسُوغُ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ أَنْ يَكُونَ لِلْعُمُومِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْعُمُومِ وَيَسُوغُ فِي مُطْلَقِ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْعُمُومِ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَيَقَعُ الْفَرْقُ بِالْقَرَائِنِ الْمَقَالِيَّةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ.

قَالَ: (أَمَّا إذَا قُلْنَا: مُطْلَقُ الْبَيْعِ إلَى قَوْلِهِ الَّذِي يَصْدُقُ بِفَرْدٍ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعِ) قُلْتُ: ذَكَرَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِأَنْ يُرَتِّبَ بِالْحَقِيقَةِ الزَّمَانِيَّةِ وَأَنْ يَنْطِقَ بِلَفْظِ اللَّهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرَ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثَانِيًا فَيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ بِالتَّقْدِيمِ الدَّالِّ عَلَى الِاهْتِمَامِ وَالتَّعْظِيمِ وَقَدْ فَاتَ بِسَبَبِ جَمْعِهِمَا فِي الضَّمِيرِ فَلِذَلِكَ ذَمَّهُ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ يَعْصِهِمَا كَمَا نَطَقَ بِهَا فِي قَوْلِهِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ فَافْهَمْ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْمُقْرِي: سَمِعْت الْأَيْلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَشِيدٍ يَقُولُ إنَّ خَطِيبًا بِتِلْمِسَانَ يَقُولُ فِي خُطَبِهِ: مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ بِالْكَسْرِ وَكَانَ الطَّلَبَةُ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ فَلَمَّا قَفَلْت مِنْ رِحْلَتِي تِلْكَ دَخَلْت عَلَى الْأُسْتَاذِ ابْنِ أَبِي الرَّبِيعِ بِسِبْتَةَ فَهَنَّأَنِي بِالْقُدُومِ وَقَالَ لِي فِيمَا قَالَ: رَشَدْت يَا ابْنَ رَشِيدٍ وَرَشِدْت لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ حَكَاهُمَا يَعْقُوبُ فِي الِاصْطِلَاحِ قَالَ: الْمُقْرِي وَهَذِهِ كَرَامَةٌ لِلرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ اهـ نَقَلَهُ التَّنْبَكْتِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الدِّيبَاجِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) لَا حُجَّةَ لِمَنْ يَقُولُ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ فِي قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] لِأَنَّ الْبَدَاءَةَ صَرَّحَتْ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِالْحَقِيقَةِ الزَّمَانِيَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَلِمَ قَالَ هَذَا الْمُسْتَدِلُّ بِأَنَّ الْبَدَاءَةَ مُضَافَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَاوِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ]

(الْفَرْقُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ وَضَابِطُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَتَحْقِيقُهُ بِحَيْثُ لَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ) وَذَلِكَ أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ مُهِمٌّ مُتَحَتِّمٌ مَقْصُودٌ حُصُولُهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ كَالْمَفْرُوضِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ أُمَّتِهِ أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ عَيْنٍ أَيْ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ مُتَحَتِّمٌ مَقْصُودٌ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ يُقْصَدُ حُصُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى فَاعِلِهِ إلَّا بِالتَّبَعِ لِلْفِعْلِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ فَاعِلٍ سَوَاءً كَانَ دِينِيًّا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ دُنْيَوِيًّا كَالصَّنَائِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا قَالَ الْأَمِيرُ عَلَى عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْجَوْهَرَةِ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَيْنِيَّ أَفْضَلُ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ فِيهِ. اهـ.

وَضَابِطُهَا أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ شَرَعَهُ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَى الْأَعْيَانِ تَكْثِيرًا لِلْمَصْلَحَةِ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُضُوعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُهُ وَمُنَاجَاتُهُ وَالتَّذَلُّلُ لَهُ وَالْمُثُولُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>