للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ آمِرٌ بِالْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ نَحْوِ الْأَمْرِ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ إخْرَاجِ شَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَإِخْرَاجِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ فِي ضِمْنِهِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ النَّهْيَ وَالنَّفْيَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَالْأَمْرَ وَالثُّبُوتَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَاقِعٌ وَحَاصِلٌ فِي جِنْسِ الْحَيَوَانِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْنَاسِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَعُمَّ الْإِنْسَانُ جَمِيعَ صُوَرِ الْحَيَوَانِ بَلْ نَقُولُ: زَيْدٌ حَاصِلٌ فِي جِنْسِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَتَعَدَّ فَرْدًا مِنْهَا وَلِذَلِكَ نَقُولُ: الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ وَاقِعَةٌ فِي الْأَفْعَالِ الْمُكْتَسَبَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَجْنَاسِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَعُمُّ الْأَفْعَالَ الْمُكْتَسَبَةَ فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْعُجْمَ أَفْعَالُهَا مُكْتَسَبَةٌ وَلَا حُكْمَ فِيهَا بَلْ نَقُولُ الْوُجُوبُ وَحْدَهُ خَاصٌّ بِالْأَفْعَالِ الْمُكْتَسَبَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ لَمْ يَعُمَّهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا يَقْتَضِي تَعْمِيمَ صُوَرِهِ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ فَرْدٌ وَاحِدٌ يَصْدُقُ بِسَبَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ فَظَهَرَ حِينَئِذٍ الْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ وَمِنْهُ نَفْيُ الْمُشْتَرَكِ.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

النَّفْيِ وَالنَّهْيِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الِاضْطِرَابِ غَفْلَتُهُ عَنْ مَعْنَى الْمُطْلَقِ وَأَنَّهُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْوَاحِدُ الْمُبْهَمُ وَلَوْ تَفَطَّنَ لَهُ لَمْ يَضْطَرِبْ قَوْلُهُ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ آمِرٌ بِالْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ نَحْوُ الْأَمْرِ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ إخْرَاجِ شَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَإِخْرَاجِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ فِي ضِمْنِهِ) قُلْتُ: الْأَمْرُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مَا أُمِرَ فِيهَا قَطُّ بِالْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الْأَمْرُ بِهَا إلَّا عَلَى سَبِيلِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَكَيْفَ يَسُوغُ ذَلِكَ وَمِنْ ضَرُورَةِ الْحَقِيقَةِ الْكُلِّيَّةِ أَنْ لَا وُجُودَ لَهَا فِي غَيْرِ الْأَذْهَانِ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْمُثْبِتِينَ لَهَا بَلْ أَمَرَ الْآمِرُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ لِشَخْصٍ مُبْهَمٍ لَا مُعَيَّنٍ وَضَرُورَةُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ لِمَا أُمِرَ بِهِ تُعَيِّنُهُ.

قَالَ: (وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ النَّهْيَ وَالنَّفْيَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَالْأَمْرَ وَالثُّبُوتَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَاقِعٌ وَحَاصِلٌ فِي جِنْسِ الْحَيَوَانِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْنَاسِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَعُمَّ الْإِنْسَانُ جَمِيعَ صُوَرِ الْحَيَوَانِ بَلْ نَقُولُ: زَيْدٌ حَاصِلٌ فِي جِنْسِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَتَعَدَّ فَرْدًا مِنْهَا وَكَذَلِكَ نَقُولُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ وَاقِعَةٌ فِي الْأَفْعَالِ الْمُكْتَسَبَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَجْنَاسِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَعُمُّ الْأَفْعَالَ الْمُكْتَسَبَةَ فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْعُجْمَ أَفْعَالُهَا مُكْتَسَبَةٌ وَلَا حُكْمَ فِيهَا بَلْ نَقُولُ: الْوُجُوبُ وَحْدَهُ خَاصٌّ بِالْأَفْعَالِ الْمُكْتَسَبَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ لَمْ يَعُمَّهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا يَقْتَضِي تَعْمِيمَ صُوَرِهِ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ فَرْدٌ وَاحِدٌ يَصْدُقُ بِسَبَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ فَظَهَرَ حِينَئِذٍ الْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ) قُلْتُ: لَوْ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ لَمَا خَلَا عَنْهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ كَالْحَيَوَانِ الْمَحْكُومِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَقِيقَتُهُ أَنَّهُ جِسْمٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ أَشْخَاصِهِ جِسْمًا وَلَكِنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ الَّذِي مُثِّلَ بِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَخُصُّ مِنْ حَقِيقَتِهِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ لِلْأَفْعَالِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَفْعَالٌ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى وَقَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ]

الْفَرْقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى وَقَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ أَوْ الْكُلِّيَّةِ عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا وَهُوَ الْعُمُومُ عَلَى الْخُصُوصِ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْقَوَاعِدِ بَلْ كَمَا لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْكُلِّ عَلَى جُزْئِهِ الَّذِي قَاعِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِالْقِيَاسِ إلَى كُلٍّ فَالنِّصَابُ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا عِنْدَ زَيْدٍ نِصَابٌ لَا يُحْمَلُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مُنْفَرِدَةً كَذَلِكَ لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْكُلِّيِّ عَلَى جُزْأَيْهِ الَّذِي قَاعِدَتُهُ أَنَّهُ إمَّا حَقِيقِيٌّ وَهُوَ كُلُّ شَخْصٍ مِنْ نَوْعٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ وَكَالْفَرَسِ الْمُعَيَّنِ مِنْ نَوْعِ الْفَرَسِ وَكَالْحَجَرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ نَوْعِ الْحَجَرِ وَإِمَّا إضَافِيٌّ وَهُوَ مَا انْدَرَجَ مَعَ غَيْرِهِ تَحْتَ كُلِّيٍّ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى نَحْوِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِانْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ مَفْهُومِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا يَصْدُقُ عَلَى نَحْوِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّامِي لِانْدِرَاجِ الْأَوَّلِ مَعَ الْفَرَسِ تَحْتَ الْحَيَوَانِ وَالثَّانِي مَعَ النَّبَاتِ تَحْتَ النَّامِي وَالثَّالِثِ مَعَ الْجَمَادِ تَحْتَ الْجِسْمِ فَالْكُلِّيُّ مُقَابِلُ الْجُزْئِيِّ وَالْكُلُّ مُقَابِلٌ لِلْجُزْءِ فَالْإِنْسَانُ وَالْحَيَوَانُ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا فِي الدَّارِ إنْسَانٌ أَوْ حَيَوَانٌ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ فِيهَا خُصُوصَ زَيْدٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا خُصُوصَ حَقِيقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الثَّانِي فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: الرَّجُلُ خَيْرٌ مِنْ الْمَرْأَةِ أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ عَلَى الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذَا الْجِنْسِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذَا الْجِنْسِ وَكَذَلِكَ لَا تُحْمَلُ الْكُلِّيَّةُ أَيْ اللَّفْظُ الْعَامُّ عَلَى بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا أَيْ بَعْضِ الْأَفْرَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُخَصَّصًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى الْكُلِّ دَالٌّ عَلَى جُزْئِهِ بِقَيْدِ ضَمِّهِ مَعَ بَاقِي الْأَجْزَاءِ لَا مُنْفَرِدًا عَنْهَا مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ فِي النَّهْيِ وَخَبَرِ النَّفْيِ فَإِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَوْجَبَ رَكْعَةً مُنْضَمَّةً لِأُخْرَى لَا مُسْتَقِلَّةً.

وَإِذَا قُلْنَا: عِنْدَ زَيْدٍ نِصَابٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مُنْضَمَّةً لِمِثْلِهَا لَا مُنْفَرِدَةً وَإِذَا نَهَى اللَّهُ عَنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فِي الصُّبْحِ لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثَةٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ النَّهْيُ عَنْهُمَا مُتَّصِلَيْنِ بِثَالِثَةٍ وَإِذَا قُلْنَا: لَيْسَ عِنْدَ زَيْدٍ نِصَابٌ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مُنْفَرِدَةً وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنَّ عِنْدَهُ عَشَرَةً مُنْضَمَّةً لِعَشَرَةٍ أُخْرَى وَأَنَّ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى الْكُلِّيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>