للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَخُوفِ لَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُهُمْ أَوْ بَعْدَهُ اُعْتُبِرَ وَبَعْدَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يَتَعَذَّرُ الْإِذْنُ بَلْ التَّنْفِيذُ خَاصَّةً لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِمْ هُوَ الْقَرَابَةُ الْخَاصَّةُ عَلَى مَا هُوَ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ بِشَرْطِ الْمَوْتِ وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ سَبَبُ الشَّرْطِ ظَاهِرًا فَصَارَ تَقَدُّمُهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ كَتَقَدُّمِ السَّبَبِ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فَبَعْضُهَا يَكُونُ فِيهِ خِلَافٌ وَبَعْضُهَا لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ إمَّا لِلضَّرُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ إمْكَانِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ. (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ)

إذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ بَعْدَ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ وَقَبْلَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ التَّمْكِينُ أَوْ يُقَالُ السَّبَبُ هُوَ التَّمْكِينُ خَاصَّةً وَمَا وُجِدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ الْإِسْقَاطِ فِي الْحَالِ فَقَطْ أُسْقِطَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ سَبَبِهَا فَيَكُونُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ بَيْعِ الشَّرِيكِ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَظْهَرُ وَإِسْقَاطُ اعْتِبَارِ الْعِصْمَةِ بِالْكُلِّيَّةِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَبَعْدَهُمَا يَتَعَذَّرُ الْإِذْنُ قُلْت إنْ أَرَادَ أَنَّ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ سَبَبٌ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ وَالْمَوْتُ شَرْطٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ سَبَبُ السَّبَبِ فَصَحَّ مَا بَيْنَهُمَا لِتَعَذُّرِهِ بَعْدَهُمَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ (بَلْ التَّنْفِيذُ خَاصَّةً) قُلْت إنْ أَرَادَ بَلْ الَّذِي يَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ التَّنْفِيذُ خَاصَّةً فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ قَالَ (لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِمْ هُوَ الْقَرَابَةُ الْخَاصَّةُ عَلَى مَا هُوَ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ بِشَرْطِ الْمَوْتِ) قُلْت ذَلِكَ صَحِيحٌ قَالَ (وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ وَسَبَبُ الشَّرْطِ ظَاهِرٌ فَصَارَ تَقَدُّمُهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ كَتَقَدُّمِ السَّبَبِ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي النُّسْخَةِ الْوَاقِعَةِ بِيَدِي وَلَعَلَّهُ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ سَبَبُ الشَّرْطِ فَصَارَ تَقَدُّمُهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ كَتَقَدُّمِ الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَبَاقِي كَلَامِهِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ. قَالَ (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) إذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ قُلْت مَا قَالَهُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَمَا اخْتَارَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ ظَاهِرٌ وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَالثَّانِي سَبَبًا لِشَرْطِ سَبَبِهِ فَيُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا لَا قَبْلَهُمَا كَمِلْكِ الْوَرَثَةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ إذْنُهُمْ فِي التَّصَرُّفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ سَبَبُهُ الْقَرَابَةُ الْخَاصَّةُ عَلَى مَا هُوَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ بِشَرْطِ الْمَوْتِ وَسَبَبُ شَرْطِ سَبَبِهِ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَتَقَدُّمُهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ كَتَقَدُّمِ الشَّرْطِ فَيُعْتَبَرُ مِلْكُهُمْ بَيْنَهُمَا لَا قَبْلَهُمَا كَإِذْنِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَبَعْدَهُمَا يَتَعَذَّرُ الْإِذْنُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبٌ وَشَرْطٌ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ الْحَالَةُ الْأُولَى أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعًا

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَأَخَّرَ إيقَاعُهُ عَنْ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ فَيُعْتَبَرُ إجْمَاعًا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يُتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي كَثِيرٍ مِنْ صُوَرِهِ فِي اعْتِبَارِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَيُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)

كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لَهَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ فَالسَّبَبُ الْيَمِينُ وَالشَّرْطُ الْحِنْثُ فَلَا تُعْتَبَرُ قَبْلَهُمَا إجْمَاعًا وَتُعْتَبَرُ بَعْدَهُمَا إجْمَاعًا وَفِي إجْزَائِهَا بَيْنَهُمَا وَعَدَمِ إجْزَائِهَا قَوْلَانِ وَسَيَأْتِي فِي الْجُزْءِ الثَّانِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ فَتَرَقَّبْ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) وُجُوبُ الزَّكَاةِ لَهُ سَبَبٌ وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ وَشَرْطٌ وَهُوَ دَوَرَانُ الْحَوْلِ فَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ بَعْدَهُمَا إجْمَاعًا لَا قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ إجْمَاعًا فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَقَبْلَ دَوَرَانِ الْحَوْلِ قَوْلَانِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ نَفَقَتَهَا عَنْ زَوْجِهَا بَعْدَ سَبَبِهَا الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ وَقَبْلَ شَرْطِهَا الَّذِي هُوَ التَّمْكِينُ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا بَعْدَ الْإِسْقَاطِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى الطِّبَاعِ تَرْكُ النَّفَقَاتِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ صَاحِبُ الشَّرْعِ الْإِسْقَاطَ لُطْفًا بِالنِّسَاءِ لَا سِيَّمَا مَعَ ضَعْفِ عُقُولِهِنَّ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ لَيْسَ لِمَنْ تَزَوَّجَتْ مَنْ تَعْلَمُ بِفَقْرِهِ طَلَبُ فِرَاقِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّمْكِينِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي هَذَا الْفَرْعِ قَدْ سَكَّنَتْ نَفْسَهَا سُكُونًا كُلِّيًّا فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا لِفَرْطِ سُكُونِ النَّفْسِ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَالَ مَالِكٌ لِلْمَرْأَةِ الرُّجُوعُ وَالْمُطَالَبَةُ فِي حَقِّهَا مِنْ الْقَسَمِ فِي الْوَطْءِ بَعْدَ إسْقَاطِهِ لِأَنَّ الطِّبَاعَ يَشُقُّ عَلَيْهَا الصَّبْرَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا فَإِنَّهَا لَا مَقَالَ لَهَا لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ وَبِالْجُمْلَةِ فُسِّرَ الْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ قَبْلَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ وَأَمَّا الْقَوْلَانِ بِاعْتِبَارِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ بَعْدَ أَحَدِهِمَا وَقَبْلَ الْآخَرِ فَلِمُرَاعَاةِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ الْمُتَأَخِّرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ]

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَعْنَى الْفِعْلِيَّ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَتَحَقُّقِهِ فِي زَمَانِ وُجُودِهِ دُونَ زَمَانِ عَدَمِهِ وَالْمَعْنَى الْحُكْمِيُّ عِبَارَةٌ عَنْ حُكْمِ صَاحِبِ الشَّرْعِ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ بَعْدَ عَدَمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَفِي حُكْمِ الْمَوْصُوفِ بِهِ دَائِمًا حَقٌّ يُلَابِسُ ضِدَّهُ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ الْإِيمَانَ إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ فَهُوَ إيمَانٌ فِعْلِيٌّ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَلَهُ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَهُوَ إيمَانٌ حُكْمِيٌّ وَمِنْهَا الْكُفْرُ إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ فَهُوَ الْكُفْرُ الْفِعْلِيُّ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ وَلَهُ أَحْكَامُ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ وَاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ الْكُفْرُ الْحُكْمِيُّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} [طه: ٧٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>