للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا وُجُوبَ فِيهَا فَمَفْهُومُ أَحَدِهَا الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَالْخُصُوصِيَّاتُ مُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ وَلَا وُجُوبَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَيْنُ الْعِتْقِ وَلَا عَيْنُ الْكِسْوَةِ وَلَا عَيْنُ الْإِطْعَامِ بَلْ لَهُ تَرْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّاتِ بِفِعْلِ الْآخَرِ وَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرَكِ فِي أَيُّهَا شَاءَ فَإِنْ أَعْتَقَ حَصَلَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَسَا أَوْ أَطْعَمَ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا فَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّ النَّهْيَ مَتَى تَعَلَّقَ بِمُشْتَرَكٍ حُرِّمَتْ أَفْرَادُهُ كُلُّهَا فَإِذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مَفْهُومَ الْخِنْزِيرِ حَرَّمَ كُلَّ خِنْزِيرٍ أَوْ مَفْهُومَ الْخَمْرِ حَرَّمَ كُلَّ خَمْرٍ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فَرْدٌ فِي الْوُجُودِ لَدَخَلَ فِي ضِمْنِهِ الْمُشْتَرَكُ فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُشْتَرَكِ تَحْرِيمُ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَلَا وُجُوبَ فِيهَا) قُلْت ذَلِكَ صَحِيحٌ إنْ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ تَعَيُّنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقُ التَّخْيِيرِ مِنْ حَيْثُ دُخُولِهَا تَحْتَ الْمُشْتَرَكِ فَلَا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تُعْتَبَرَ الْحَقِيقَةُ الشَّامِلَةُ لِأَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَشَبَهُهَا مِنْ حَيْثُ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ أَوَّلًا فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ هِيَ تِلْكَ الْحَقِيقَةُ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْوُجُوبِ بِهَا وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ هِيَ تِلْكَ الْحَقِيقَةُ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُعْتَبَرَ الْأَنْوَاعُ مِنْ حَيْثُ هِيَ تِلْكَ الْأَنْوَاعُ أَوَّلًا، فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ هِيَ تِلْكَ الْأَنْوَاعُ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْوُجُوبِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ هِيَ تِلْكَ الْأَنْوَاعُ بَلْ مِنْ حَيْثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قِسْطٌ مِنْ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُعْتَبَرَ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعِهَا أَوَّلًا فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعِهَا فَلَا تَعَلُّقَ لِلْوُجُوبِ بِهَا وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعِهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ آحَادِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ تُعْتَبَرَ مِنْ حَيْثُ تَعَيُّنِهَا أَوَّلًا فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ تَعَيُّنِهَا فَلَا تَعَلُّقَ لِلْوُجُوبِ بِهَا وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ تَعَيُّنِهَا لَكِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ حَيْثُ إبْهَامِهَا فَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا غَيْرُ.

قَالَ (فَمَفْهُومُ أَحَدِهَا الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ تَرْكَهُ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَهُ تَرْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّاتِ بِفِعْلِ الْآخَرِ) قُلْت: مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ غَيْرَ قَوْلِهِ فَمَفْهُومُ أَحَدِهَا الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ فَإِنَّ مَفْهُومَ أَحَدِهَا لَيْسَ الْمُشْتَرَكُ بَلْ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِمَّا فِي الْمُشْتَرَكِ.

قَالَ (وَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرَكِ فِي أَيُّهَا شَاءَ) قُلْت: هَذَا صَحِيحٌ.

قَالَ (فَإِنْ أَعْتَقَ حَصَلَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا الَّذِي هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَسَا أَوْ أَطْعَمَ) قُلْت: لَيْسَ أَحَدُهَا هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَلْ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِمَّا فِيهِ الْمُشْتَرَكُ.

قَالَ (وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ أَحَدِهَا) قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّ مَفْهُومَ أَحَدِهَا لَيْسَ الْمُشْتَرَكَ.

قَالَ (فَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّ النَّهْيَ مَتَى تَعَلَّقَ بِمُشْتَرَكٍ حُرِّمَتْ أَفْرَادُهُ كُلُّهَا وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُشْتَرَكِ تَحْرِيمُ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ) قُلْت ذَلِكَ صَحِيحٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ فِي التِّلَاوَةِ وَكَذَا فِي شُكْرِ النِّعَمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دُونَ مَالِكٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى وَجْهِ الْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّقَرُّبِ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَمِنْهَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مَعَ رَمْي الْجِمَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مَطْلُوبٌ مَعَ الْآخَرِ وَلَيْسَ مَطْلُوبًا مُنْفَرِدًا وَمِنْهَا السَّعْيُ مَعَ الطَّوَافِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قُرْبَةٌ وَلَيْسَ هُوَ بِانْفِرَادِهِ قُرْبَةٌ وَمِنْهَا الْحِلَاقُ مَعَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ قُرْبَةٌ وَلَيْسَ هُوَ بِانْفِرَادِهِ قُرْبَةٌ. قَالَ الْأَصْلُ: وَالْغَالِبُ عَلَى أَرْكَانِ الْحَجِّ الَّتِي لَا يَتَقَرَّبُ بِهَا مُنْفَرِدَةً أَيْ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالسَّعْيِ وَكَذَا الْحِلَاقُ عَلَى الْقَوْلِ بِرُكْنِيَّتِهِ التَّعَبُّدُ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ شُرِعَ قُرْبَةً وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اُشْتُرِطَ مَعَهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ الِاسْتِقْرَاءُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ وَقَاعِدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ]

(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ وَقَاعِدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَصِحُّ مَعَ التَّخْيِيرِ) عَلَى مَا زَعَمَ الْأَصْلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُعْتَزِلَةُ دُونَ الْأَصْحَابِ وَأَنَّ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ هُوَ الْحَقُّ وَبُيِّنَ سِرُّهُ بِمَا قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ أَنَّهُ هُوَ الْمُحَالُ عَقْلًا وَإِنْ مَا حَكَاهُ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ بَاطِلٌ وَالصَّحِيحُ مَا حَكَاهُ سَيْفُ الدِّينِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَانْظُرْهُمَا وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَصْلًا لَا عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ.

أَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَمْرَ أَوْ النَّهْيَ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ هَلْ يُوجِبُ أَوْ يُحَرِّمُ الْكُلَّ فَيُثَابُ بِفِعْلِ الْكُلِّ أَوْ تَرْكِهِ ثَوَابَ فِعْلِ وَاجِبَاتٍ وَتَرْكِ مُحَرَّمَاتٍ وَيُعَاقَبُ بِتَرْكِ الْكُلِّ أَوْ فِعْلِهِ عِقَابَ تَرْكِ وَاجِبَاتٍ وَفِعْلِ مُحَرَّمَاتٍ وَيَسْقُطُ فِعْلُ الْكُلِّ الْوَاجِبِ أَوْ تَرْكُهُ بِفِعْلِ أَوْ تَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَوْ الْمُحَرَّمِ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْقُطُ طَلَبُ الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكُ فِي الْوَاجِبِ أَوْ الْمُحَرَّمِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ مِنْهَا أَوْ بِتَرْكِهِ أَوْ تَرْكِ غَيْرِهِ مِنْهَا أَوْ الْوَاجِبِ أَوْ الْمُحَرَّمِ فِي ذَلِكَ مَا يَخْتَارُهُ الْمُكَلَّفُ لِلْفِعْلِ أَوْ لِلتَّرْكِ مِنْهَا بِأَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ اخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِينَ إلَّا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى نَفْيِ إيجَابِ أَوْ تَحْرِيمِ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ الشَّيْءِ أَوْ إيجَابَهُ لِمَا فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْفِعْلُ وَإِنَّمَا يُدْرِكُهَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْأَصْحَابُ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ أَوْ النَّهْيَ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ يُوجِبُ أَوْ يُحَرِّمُ وَاحِدًا مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَأْمُورُ بِهِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>