للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَصْلَحَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ دَلَّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ بِدَلِيلِ التَّخْصِيصِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَمْرٌ دَالٌّ عَلَى الْقَضَاءِ.

قُلْنَا: الْأَصْلُ عَدَمُ مَصْلَحَةِ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ وَمَعَ الْأَصْلِ لَفْظُ التَّخْصِيصِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا تُفْعَلُ تِلْكَ الْعِبَادَةُ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْقَضَاءِ دَلَّ الْأَمْرُ الثَّانِي عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّا يُقَارِبُ الْوَقْتَ الْأَوَّلَ فِي مَصْلَحَةِ الْوُجُوبِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مِثْلِ مَصْلَحَتِهِ، إذْ لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا لَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَحَيْثُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فَمَنْ لَاحَظَ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ قَالَ الْقَضَاءِ إنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَمَنْ لَاحَظَ التَّسْوِيَةَ وَالْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَضَاءُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

(الْفَرْقُ التِّسْعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَسْبَابِ الصَّلَوَاتِ وَشُرُوطِهَا يَجِبُ الْفَحْصُ عَنْهَا وَتَفَقُّدُهَا وَقَاعِدَةِ أَسْبَابِ الزَّكَاةِ لَا يَجِبُ الْفَحْصُ عَنْهَا)

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الْمَصْلَحَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ دَالٌّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ بِدَلِيلِ التَّخْصِيصِ) . قُلْت: مَا قَالَهُ هُنَا لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لِعَدَمِ الْقَاطِعِ فِي رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ فِي كُلِّ تَعَبُّدِيٍّ قَالَ (فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَمْرٌ دَالٌّ عَلَى الْقَضَاءِ، قُلْنَا الْأَصْلُ عَدَمُ مَصْلَحَةِ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ، وَمَعَ الْأَصْلِ لَفْظُ التَّخْصِيصِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا تُفْعَلُ تِلْكَ الْعِبَادَةُ أَلْبَتَّةَ) قُلْت: مَا قَالَهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَاهُ عُمُومَ رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِقَاطِعٍ فَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ (فَإِنْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْقَضَاءِ دَلَّ الْأَمْرُ الثَّانِي عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّا يُقَارِبُ الْوَقْتَ الْأَوَّلَ فِي مَصْلَحَةِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مِثْلِ مَصْلَحَتِهِ إذْ لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا لَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَحَيْثُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا) .

قُلْت مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ أَيْضًا عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى قَالَ (فَمَنْ لَاحَظَ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ قَالَ الْقَضَاءُ إنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَمَنْ لَاحَظَ التَّسْوِيَةَ وَالْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَضَاءُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ) . قُلْت: مَا أَرَى مَنْ قَالَ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ لَاحَظَ ذَلِكَ الْفَرْقَ بَلْ لَاحَظَ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُؤَقَّتَ لَا يَقْتَضِي الْقَضَاءَ فَلَا بُدَّ فِي شَرْعِ الْقَضَاءِ مِنْ أَمْرٍ جَدِيدٍ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ الْقَضَاءُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَلَا أَرَاهُ أَيْضًا يَقُولُ إنَّهُ مِنْ مُقْتَضَاهُ لَفْظًا بَلْ قِيَاسًا عَلَى الْحُقُوقِ الْمُتَرَتِّبَةِ فِي الذِّمَمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. قَالَ (الْفَرْقُ التِّسْعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَسْبَابِ الصَّلَوَاتِ وَشُرُوطِهَا يَجِبُ الْفَحْصُ عَنْهَا إلَى آخِرِ الْفَرْقِ) قُلْت مَا قَالَهُ فِيهِ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَلَى الْأَعْيَانِ بِأَنَّهَا نَجِسَةٌ وَلَا مُتَنَجِّسَةٌ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا جَوَاهِرَ وَلَا أَجْسَامًا إجْمَاعًا بَلْ لِأَجْلِ أَعْرَاضٍ خَاصَّةٍ قَامَتْ بِتِلْكَ الْأَجْسَامِ مِنْ لَوْنٍ خَاصٍّ وَكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ وَتِلْكَ الْأَعْرَاضُ انْتَفَى الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّخَصِ إجْمَاعًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَعْرَاضَ الْخَاصَّةَ وَالْكَيْفِيَّةَ الْخَاصَّةَ اللَّذَيْنِ قَضَى الشَّرْعُ لِأَجْلِهَا بِالتَّنْجِيسِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْإِبْرِيقِ وَلَا فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْبَحْرِ إذَا وَضَعْنَا النَّجَاسَةَ فِي طَرَفِهِ بَلْ الْأَجْزَاءُ بَعِيدَةٌ مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَطْعًا فَوَجَبَ أَنْ يَزُولَ حُكْمُ التَّنْجِيسِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ كَمَا يَزُولُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ النِّصَابِ وَيَزُولُ وُجُوبُ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ لِزَوَالِ رَمَضَانَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ زَوَالِهَا لِزَوَالِ سَبَبِهَا رُخْصَةً فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْمِ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ الْحَدَثِ عَنْ الرَّجُلِ خَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخُفِّ]

(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْمِ خَاصَّةً وَقَاعِدَةِ إزَالَةِ الْحَدَثِ عَنْ الرِّجْلِ خَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخُفِّ) أَمَّا قَاعِدَةُ إزَالَةِ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْمِ خَاصَّةً فَقَدْ وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْجُنُبَ الَّذِي يُرِيدُ النَّوْمَ يَتَوَضَّأُ لِلنَّوْمِ خَاصَّةً لَا لِلصَّلَاةِ وَلَا لِغَيْرِهَا.

وَقَالَ الْفُقَهَاءُ هَذَا وُضُوءٌ يَرْفَعُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ النَّوْمُ وَلَا يُزِيلُهُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ رَافِعًا لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَإِنَّمَا يُزِيلُهُ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ وَهُوَ الْجَنَابَةُ فَقَطْ وَلِبَعْضِهِمْ إذَا سُئِلْتَ وُضُوءًا لَيْسَ يَنْقُضُهُ إلَّا الْجِمَاعُ وُضُوءُ النَّوْمِ لِلْجُنُبِ وَيُلْقُونَ هَذَا الْوُضُوءَ لُغْزًا عَلَى الطَّلَبَةِ فَيَقُولُونَ لَهُمْ هَلْ تَعْلَمُونَ وُضُوءًا لَا يُزِيلُهُ الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ وَيُرِيدُونَ هَذَا الْوُضُوءَ فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ وَرَدَ بِهَا النَّصُّ وَتَقَرَّرَتْ فِي الْمَذْهَبِ.

وَأَمَّا قَاعِدَةُ إزَالَةِ الْحَدَثِ عَنْ الرِّجْلِ خَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخُفِّ فَهِيَ وَإِنْ قَالَ بِهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَأَجَازَ لِمَنْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ قَبْلَ غُسْلِ الْأُخْرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى هَذَا الْخُفِّ فِي الْوُضُوءِ الَّذِي بَعْدُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ ذُكِرَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى هَذَا الْخُفِّ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بَعْدَ غُسْلِ جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْحَدَثَ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لَهُ كَالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ وَنَحْوِهِ فَيُقَالُ أَحْدَثَ إذَا وُجِدَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ النَّوْمُ هَلْ هُوَ حَدَثٌ أَوْ سَبَبٌ لِلْحَدَثِ قَوْلَانِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْأَسْبَابِ.

وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَرْجِعُ إلَى التَّحْرِيمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُكَلَّفِ لَا بِعُضْوِهِ الْخَاصِّ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا الْمَنْعُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فِيهِ إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>