للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَامِ بِالْوَظِيفَةِ بِسَبَبِ أَنَّ الْأَرْزَاقَ مَعْرُوفٌ يَتْبَعُ الْمَصَالِحَ فَكَيْفَمَا دَارَتْ دَارَ مَعَهَا وَيَتَعَذَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالدُّورِ وَغَيْرِهَا بِسَبَبِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ وَلَا تَغْيِيرُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ فَإِذَا وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِوَظِيفَةِ الْإِمَامَةِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْخَطَابَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الْوَقْفِ شَيْئًا إلَّا إذَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ اسْتَنَابَ عَنْهُ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَائِمًا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْأَعْذَارِ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الْوَقْفِ أَمَّا النَّائِبُ فَلِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ اسْتِحْقَاقِهِ صِحَّةُ وِلَايَتِهِ وَصِحَّةُ وِلَايَتِهِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَهُ النَّظَرُ وَهَذَا الْمُسْتَنِيبُ لَيْسَ لَهُ نَظَرٌ إنَّمَا هُوَ إمَامٌ أَوْ مُؤَذِّنٌ أَوْ مُؤَذِّنٌ أَوْ مُدَرِّسٌ فَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ الصَّادِرَةُ عَنْهُ وَأَمَّا الْمُسْتَنِيبُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَيْضًا بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ اسْتَنَابَ فِي أَيَّامِ الْأَعْذَارِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ رِيعَ الْوَقْفِ وَأَنْ يُطْلِقَ لِنَائِبِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّيعِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُطْلَقُ لَهُ أَرْزَاقًا عَلَى وَظِيفَةٍ مِنْ تَدْرِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ الْحِسْبَةِ وَلَمْ يَقُمْ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا أَطْلَقَهُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وَظِيفَةٍ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا وَاسْتِبَاحَةُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ وَأَخْذُ هَذَا الْمُطْلَقِ بِغَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُطْلِقَهُ لَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَدَمِ قِيَامِهِ بِالْوَظِيفَةِ لِمَصْلَحَةٍ أُخْرَى غَيْرِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالْإِطْلَاقِ الثَّانِي لَا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ وَقْفًا وَلَمْ يَقُمْ بِشَرْطِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ إطْلَاقُهُ لِمَنْ لَمْ يَقُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ فَهَذَا أَيْضًا يُمَيِّزُ لَك الْأَرْزَاقَ مِنْ بَابِ الْأَوْقَافِ وَالْإِجَارَاتِ وَيَجُوزُ فِي الْمَدَارِسِ الْأَرْزَاقُ وَالْوَقْفُ وَالْإِجَارَةُ وَلَا يَجُوزُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَجُوزُ الْأَرْزَاقُ وَالْوَقْفُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُغَلِّظُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَقُولُ إنَّمَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ الرِّزْقِ عَلَى الْإِمَامَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ وَيَتَوَرَّعُ عَنْ تَنَاوُلِ الرِّزْقِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّهُ بَلْ الْأَرْزَاقُ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا لِأَنَّهَا إحْسَانٌ وَمَعْرُوفٌ وَإِعَانَةٌ لَا إجَارَةٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُكَايَسَةٍ وَمُغَابَنَةٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ الْعِوَضَانِ فِيهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْمُعَاوَضَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاوِضَيْنِ بِمَا بُذِلَ لَهُ وَأَجْرَا الصَّلَاةِ لَهُ فَلَوْ أَخَذَ الْعِوَضَ عَنْهَا لَاجْتَمَعَ لَهُ الْعِوَضَانِ وَالْأَرْزَاقُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ أَلْبَتَّةَ لِجَوَازِهِ فِي أَضْيَقِ الْمَوَاضِعِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا وَرَعَ حِينَئِذٍ فِي تَنَاوُلِ الرِّزْقِ وَالْأَرْزَاقِ عَلَى الْإِمَامَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَهِيَ مَا إذَا أَخْرَجَ الْجُعْلَ غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ مَعَ أَنَّ لَهُ أَجْرَ التَّسَبُّبِ لِلْجِهَادِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ لَا يُسَلَّمُ أَنَّ الْمَبْذُولَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عِوَضٌ عَنْ الثَّوَابِ بَلْ هُوَ مَعُونَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِتِلْكَ الْأُمُورِ فَلِلْقَائِمِ بِهَا ثَوَابٌ وَلِمَنْ يُؤْتِي الْمَعُونَةَ ثَوَابٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ الْعِوَضَانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ بِوَجْهٍ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرًا يَفْتَقِرُ إلَى بَسْطٍ. اهـ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ النَّظَرِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِجَارَاتِ]

[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَرْزَاق الْقُضَاةُ]

(الْفَرْقُ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِجَارَاتِ) الْأَرْزَاقُ وَالْإِجَارَاتُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كِلَيْهِمَا بَذْلُ مَالٍ بِإِزَاءِ الْمَنَافِعِ مِنْ الْغَيْرِ إلَّا أَنَّهُمَا افْتَرَقَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ بَابَ الْأَرْزَاقِ دَخَلَ فِي بَابِ الْإِحْسَانِ وَأَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَبَابُ الْإِجَارَةِ أَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ وَأَدْخَلُ فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَالْمُغَابَنَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ وَالْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ وَاجِبٌ وَالْأَرْزَاقُ مَعْرُوفٌ وَصَرْفٌ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَإِذَا عَرَضَتْ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ تَعَيَّنَ عَلَى الْإِمَامِ الصَّرْفُ فِيهَا وَتَرْكُ الْأَوْلَى فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَحْكَامٍ لَا تَثْبُتُ لِلْآخَرِ يَظْهَرُ لَك تَحْقِيقُهَا بِسِتِّ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)

الْقِيَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ عِنْدَ قِيَامِ الْحِجَاجِ وَنُهُوضِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَلَيْهِ أَرْزَاقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إجْمَاعًا إعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْأَرْزَاقَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَعْرُوفٌ لَا مُعَاوَضَةَ كَمَا عَلِمْت بِجَوَازِ دَفْعِهَا وَقَطْعِهَا وَتَقْلِيلِهَا وَتَكْثِيرِهَا وَتَغْيِيرِهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا عَرَضَتْ مَصْلَحَةٌ أَعْظَمُ أَنْ يَصْرِفَ الْأَرْزَاقَ فِيهَا وَيُقَدِّمَهَا عَلَى مَصْلَحَةِ الْقَضَاءِ وَوَرَثَتُهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَهَا وَلَا يُطَالِبُونَ بِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِقْدَارٌ مِنْ الْعَمَلِ وَلَا أَجَلٌ تَنْتَهِي إلَيْهِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا مَعْرُوفٌ كَمَا عَلِمْت تُخَالِفُ ذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْأَجَلُ وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ وَنَوْعُهَا وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فِيهَا الْوَارِثُ وَيَتَعَيَّنُ نَفْعُهَا لِلْأَخْذِ بِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَلَا تَجُوزُ فِي الْقِيَامِ بِالْقَضَاءِ إجْمَاعًا بَلْ وَلَا فِي كُلِّ مَا يَجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ الْقِيَامُ بِهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ لِلْأَجِيرِ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>