للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْعَقْدِ وَكَانَ الْعَقْدُ كَافِيًا فِي بُغْضِ الْبِنْتِ لِضَعْفِ وُدِّهَا فَتَحْرُمُ بِالْعَقْدِ لِئَلَّا تَعُقَّ أُمَّهَا فَهَذَا تَلْخِيصُ أَمْرِ الزَّوْجَاتِ.

وَأَمَّا الْإِمَاءُ فَلَمَّا كُنَّ فِي الْغَالِبِ لِلْخِدْمَةِ وَالْهَوَانِ لَا لِلْوَطْءِ وَالِاصْطِفَاءِ بَعُدَتْ مُنَاسَبَتُهُنَّ فِي شَيْءٍ لَيْسَ هُوَ وَصْفُهُنَّ وَوُقُوعُهُ نَادِرٌ فِيهِنَّ وَالْمَهَانَةُ مِنْ جِهَةِ ذُلِّ الرِّقِّ تَمْنَعُ مِنْ الْإِبَاءِ وَالْأَنَفَةِ وَالْمُنَافَسَةِ فِي الْحُظُوظِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِ مَبْنِيٍّ عَلَى الْعِزِّ وَالِاصْطِفَاءِ وَالْإِعْزَازِ وَالتَّخْصِيصِ بِالْوَطْءِ وَالْخِدْمَةُ إنَّمَا تَقَعُ فِيهِ تَبَعًا عَكْسُ بَابِ الْإِمَاءِ الْخِدْمَةُ أَصْلٌ وَالْوَطْءُ إنَّمَا يَقَعُ فِيهِ تَبَعًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الْعَدَدُ مَحْصُورًا فِي جَوَازِ وَطْءِ الْإِمَاءِ لِعَدَمِ الْمُنَافَسَة وَالشَّحْنَاءِ الَّتِي هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي بَابِ الزَّوَاجِ وَإِنْ وُجِدَتْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عَنْ وُجُودِهَا فِي بَابِ الزَّوَاجِ فَهَذَا هُوَ تَلْخِيصُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَرْقَيْنِ وَبَيَانُ السِّرِّ فِي ذَلِكَ (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُشْتَرَطُ فِي تَحْرِيمِ الْأُمِّ الدُّخُولُ كَمَا اُشْتُرِطَ فِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] ثُمَّ قَالَ {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] فَقَوْلُهُ {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] صِفَةٌ تَعَقَّبَتْ الْجُمْلَتَيْنِ فَتَعُمَّهُمَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ إذَا تَعَقَّبَا الْجُمَلَ عَمَّا وَالْعَجَبُ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَالصِّفَةَ إذَا تَعَقَّبَا جُمَلًا عَمَّهَا وَخَالَفَ أَصْلَهُ هَهُنَا وَلَمْ يَقُلْ بِهِ هَهُنَا فَقَدْ خَالَفَ أَصْلَهُ. وَجَوَابُهُ أَنَّا نَمْنَعُ الْعَوْدَ هَهُنَا عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يَعُودُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّسَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَالنِّسَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ الَّذِي هُوَ مِنْ وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ كَانَ صِفَةً لِلْجُمْلَتَيْنِ لَعَمِلَ فِي الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ عَامِلَانِ وَهُوَ الْإِضَافَةُ وَحَرْفُ الْجَرِّ وَاجْتِمَاعُ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ فَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ إجْرَاءِ صِلَةٍ فَإِنْ قُلْت نَعْتُ الْمَجْرُورَيْنِ أَوْ الْمَنْصُوبَيْنِ أَوْ الْمَرْفُوعَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الْعَامِلِ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ بَيْنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ.

وَلَوْ اجْتَمَعَ بَصْرِيٌّ وَكُوفِيٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَتَنَاظَرَانِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَحْتَجَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمَذْهَبِهِ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا فِي بَصَرِيٍّ وَكُوفِيٍّ فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِمَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ أَوْ بِأَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُهُ حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فَإِنْ قَصَدَ بِهَذَا الْكَلَامِ قِيَامَ الْحُجَّةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَا يَسْتَقِيمُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الِاعْتِذَارَ عَنْ مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا أَوْ مَا يُلَازِمُ ذَلِكَ اهـ وَإِنَّ مِمَّا يُلَازِمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ زِيَارَةَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ إلَى الْمَدِينَةِ وَنَوَى زِيَارَةَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمُسْتَحَبُّ يَجِبُ بِالنَّذْرِ فَاحْفَظْ ذَلِكَ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَنْذُورَاتِ وَقَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَنْذُورَاتِ وَقَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَأَصِّلَةِ فِي الشَّرِيعَةِ) وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا) قُصُورُ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ عَنْ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ الْمُتَأَصِّلِ فِي الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ مَصْلَحَةُ الْمَنْدُوبِ وَالِالْتِزَامُ لَا يُغَيِّرُ الْمَصَالِحَ

(وَثَانِيهِمَا) إنَّ سَبَبَ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ لَا يُنَاسِبُ الْوُجُوبَ لِكَوْنِهِ قَدْ يَعْرَى عَنْ الْمَصَالِحِ رَأْسًا كَطَيَرَانِ الْغُرَابِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ إنْ طَارَ الْغُرَابُ فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ دِرْهَمٌ بِخِلَافِ الْأَسْبَابِ الْمُقَرَّرَةِ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ يَتَّضِحُ لَك هَذَا الْفَرْقُ بِأَرْبَعِ قَوَاعِدَ

(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) إنَّ الْأَوَامِرَ تَتْبَعُ الْمَصَالِحَ وَالنَّوَاهِي تَتْبَعُ الْمَفَاسِدَ وَكُلُّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَفْسَدَةِ إنْ كَانَ فِي أَدْنَى الرُّتَبِ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ النَّدْبَ وَعَلَى الْمَفْسَدَةِ الْكَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي أَعْلَى الرُّتَبِ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْوُجُوبَ وَعَلَى الْمَفْسَدَةِ التَّحْرِيمَ ثُمَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَصْلَحَةِ النَّدْبِ وَمَفْسَدَةِ الْكَرَاهَةِ تَتَرَقَّى فَيَرْتَقِي النَّدْبُ بِارْتِقَاءِ مَصْلَحَتِهِ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مَرَاتِبِ النَّدْبِ يَلِي أَدْنَى مَرَاتِبِ الْوُجُوبِ وَيَرْتَقِي الْمَكْرُوهُ بِارْتِقَاءِ مَفْسَدَتِهِ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمُكَرَّرَةِ يَلِي أَدْنَى مَرَاتِبِ التَّحْرِيمِ فَالْمَصْلَحَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لِلنَّدَبِ لَا تَصْلُحُ لِلْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ النَّدْبُ فِي الرُّتْبَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الشَّرْعَ خَصَّصَ الْمَرْتَبَةَ الْعُلْيَا مِنْ الْمَصَالِحِ بِالْوُجُوبِ وَحَثَّ عَلَيْهَا بِالزَّوَاجِرِ صَوْنًا لِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ عَنْ الضَّيَاعِ كَمَا أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْمَكْرُوهِ لَا تَصْلُحُ لِلتَّحْرِيمِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَكْرُوهُ فِي الرُّتْبَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الشَّرْعَ خَصَّصَ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ بِالزَّجْرِ وَالْوَعِيدِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْوُجُودِ تَفَضُّلًا مِنْهُ تَعَالَى عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا وُجُوبًا عَقْلِيًّا كَمَا قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرَتِّبْ ذَلِكَ

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) إنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ لَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا سَبَبَ وُجُوبِ فِعْلٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ إلَّا وَذَلِكَ السَّبَبُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَصْلَحَةٍ تُنَاسِبُ الْوُجُوبَ فَإِنْ قَصُرَتْ مَصْلَحَتُهُ عَنْ ذَلِكَ جَعَلَهُ سَبَبَ النَّدْبِ كَمَا أَنَّهُ لَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا سَبَبَ تَحْرِيمِ فِعْلٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ إلَّا وَذَلِكَ السَّبَبُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَفْسَدَةٍ تُنَاسِبُ التَّحْرِيمَ فَإِنْ قَصُرَتْ مَفْسَدَتُهُ عَنْ ذَلِكَ جَعَلَهُ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ مَثَلًا بَذْلُ الرَّغِيفِ لِلْجَوْعَانِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ وَاجِبٌ وَسَبَبُ الْوُجُوبِ الضَّرُورَةُ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى حِفْظِ حَيَاتِهِ وَهِيَ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ تَصْلُحُ لِلْوُجُوبِ وَبَذْلُ الرَّغِيفِ لِمَنْ يَتَوَسَّعُ بِهِ عَلَى عَائِلَتِهِ مِنْ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>