للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَهُوَ إطْلَاقُهَا لِمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ النَّفَقَةِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي

(وَالْجَوَابُ) عَنْ الثَّالِثِ إنْ وَقَعَ الضَّرَرُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ تَزْوِيجُهَا وَهَذَا الطَّرِيقُ مُتَعَذِّرٌ هَهُنَا فَيَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمَقْصِدَ إذَا كَانَ لَهُ وَسِيلَتَانِ فَأَكْثَرَ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا عَيْنًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَالْجَامِعِ إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ مُسْتَوِيَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَجِبُ سُلُوكُ أَحَدِهِمَا عَيْنًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ السَّفَرُ إلَى الْحَجِّ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الْمُتَيَسِّرَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ تَعَدَّتْ أَسْبَابُ زَوَالِ الضَّرَرِ عَنْهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ خُرُوجُهَا عَنْ مِلْكِهِ وَفِي الزَّوْجَاتِ اتَّحَدَتْ الْوَسِيلَةُ وَسَبَبُ الْخُرُوجِ عَنْ الضَّرَرِ فَأُمِرَ بِهِ عَيْنًا وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولُ الْوَلَدُ إلَى مَنْ تَدَعُنِي» وَقَوْلُهُ {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] وَالْإِمْسَاكُ عَلَى الْجُوعِ وَالْعُرْيِ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَيَتَعَيَّنُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ.

(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ)

اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ النَّفَقَةَ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ خَاصَّةً وَأَوْجَبَهَا الشَّافِعِيُّ لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَعْضٌ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَلَيْسَ مِنْ الْإِحْسَانِ تَرْكُهُمَا بِالْجُوعِ وَالْعُرْيِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْبُخَارِيِّ يَقُولُ لَك وَلَدُك إلَى مَنْ تَكِلُنِي الْحَدِيثَ وَأَبُ الْأَبِ أَبٌ وَأُمُّ الْأُمِّ أُمٌّ وَابْنُ الِابْنِ ابْنٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجِبُ النَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: ٢٦] وَأَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِ مَنْ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْعُمُومِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥]

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ إلَى قَوْلِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥]

قُلْت مَا قَالَهُ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ وَمُسْتَنَدِهَا وَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

أَيْ مَا وَطِئُوهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ فَيَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ مَزْنِيَّةُ أَبِيهِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ عَنْ الْأَصْلِ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَةِ فَلَا تَغْفُلْ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠] قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الثَّانِي لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: ٢٣٠] وَالنِّكَاحُ الْعَقْدُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ هُوَ هُنَا الْوَطْءُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَطَ ذَوْقَ الْعُسَيْلَةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَطْءِ نَعَمْ يَرِدُ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْحُكْمَ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِأَوَائِلِ الْأَسْمَاءِ لَزِمَنَا مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِأَوَاخِرِ الْأَسْمَاءِ لَزِمَنَا أَنْ نَشْتَرِطَ الْإِنْزَالَ مَعَ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْإِحْلَالِ لِأَنَّهُ آخِرُ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَلَمْ يُشْتَرَطْ عِنْدَنَا فِي التَّحْلِيلِ الْإِنْزَالُ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ بَلْ مَا مَرَّ بِي فِي الْفِقْهِ أَعْسَرُ مِنْهَا. اهـ مُلَخَّصًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ]

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ)

الْمُحَرَّمُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ

(النَّوْعُ الْأَوَّلُ) أُصُولُهُ وَهُمَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَإِنْ عَلَوْا

(وَالنَّوْعُ الثَّانِي) فُصُولُهُ وَهُمْ الْأَبْنَاءُ وَأَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ وَإِنْ سَفَلُوا

(وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ) فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا وَأَمَّا فُصُولُ ثَانِي الْأُصُولِ وَثَالِثِهَا وَإِنْ عَلَا ذَلِكَ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَمُبَاحَاتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: ٥٠]

(النَّوْعُ الرَّابِعُ) أَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَأَمَّا ثَانِي فَصْلٍ مِنْ أَوَّلِ الْأُصُولِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَمُبَاحَاتٌ كَمَا عَلِمْت وَدَلِيلُ هَذَا الضَّابِطِ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣] وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: ٢٦ - ٤٠] {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨] كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ فِيمَا يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ الْمُحَرَّمِ بِالرَّضَاعِ فِي الْقُرْآنِ سِوَاهُمَا وَالْأُمُّ أَصْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>