للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالذَّوَاتِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَبَعٌ لِلذَّاتِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصِّفَةُ كَالنِّكَاحِ وَبَاطِنِ الصُّبْرَةِ وَالْفَوَاكِهِ فِي قِشْرِهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَوْصَافِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ تَفَاوُتَ الْمَالِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِتَفَاوُتِ الصِّفَاتِ دُونَ الذَّوَاتِ وَمَقْصُودُ الشَّرْعِ حِفْظُ الْمَالِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَعَنْ الثَّانِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ مَوْضُوعٌ، وَعَنْ الثَّالِثِ إنَّا نَقْلِبُهُ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِانْتِفَاءِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَالَ بِاشْتِرَاطِ الصِّفَةِ فَتُشْتَرَطُ، ثُمَّ الْفَرْقُ سُتْرَةُ الْمُخَدَّرَاتِ عَنْ الْكَشْفِ لِكُلِّ خَاطِبٍ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِنَّ السُّفَهَاءُ وَبَاطِنُ الصُّبْرَةِ مُسَاوٍ لِظَاهِرِهَا، وَلَيْسَتْ صِفَاتُ الْمَبِيعِ مُسَاوِيَةً لِجِنْسِهِ وَالْعِلْمُ بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عِلْمٌ بِالْآخَرِ

(وَعَنْ الرَّابِعِ) أَنَّ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ اهـ. مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ]

(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ)

(قَالَ) الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَبِيعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ سَلَمٌ فِي الذِّمَّةِ وَغَائِبٌ عَلَى الصِّفَةِ وَحَاضِرٌ مُعَيَّنٌ اهـ. أَيْ مُتَعَلِّقُ الْعُقُودِ بَيْعَهَا أَوْ نَحْوَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ شَبَهٌ مِنْهُمَا (فَالسَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إذْ هُوَ أَشْخَاصٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكُلِّيِّ وَلِذَلِكَ صَحَّ الْوَفَاءُ بِأَيِّ فَرْدٍ كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ إذَا وَافَقَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْعَقْدِ وَالْأَرْجَحُ بِفَرْدِ غَيْرِهِ وَتَبَيَّنَّا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بَاقٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى الْآنَ حَتَّى يُقْبَضَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَرْدٌ مُطَابِقٌ لِلصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(وَالْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الَّذِي فِيهِ شَبَهٌ بِالْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ أَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى جِنْسٍ، بَلْ عَلَى مُشَخَّصٍ مُعَيَّنٍ أَشْبَهَ الْمُعَيَّنَ وَلِذَلِكَ قِيلَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْأَصْلُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا كَوْنُ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَلِأُمُورٍ غَيْرِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ

(وَالْحَاضِرُ الْمُعَيَّنُ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الْمُعَيَّنُ أَيْ مُشَخَّصُ الْجِنْسِ وَخَاصَّتُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ ذَلِكَ الْمُشَخَّصُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا لَكِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي صُورَتَيْنِ اُسْتُثْنِيَتَا مِنْ قَاعِدَةِ الْمُشَخَّصَاتِ

(الصُّورَةُ الْأُولَى) أَنْ يَكُونَ لَك دَيْنٌ عَلَى أَحَدٍ فَتَأْخُذُ فِيهِ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ مَنَافِعُ مُعَيَّنٌ وَأَجْرَاهُ مَجْرَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَجْلِ صُورَةِ التَّأْخِيرِ فِي الْقَبْضِ أَيْ إمَّا فِي الْكُلِّ وَإِمَّا فِي الْأَجْزَاءِ وَإِنْ عَيَّنَ مَحَلَّ الْمُعَاوَضَةِ أَيْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا أَوْ مَنَافِعُ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ، فَلَيْسَ هَاهُنَا فَسْخُ الدَّيْنِ وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الشَّاطِّ قَالَ عبق؛ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ إذَا أُسْنِدَتْ لِمُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمَقْبُوضَةَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَالدَّيْنِ يَمْنَعُ فَسْخَ الدَّيْنِ فِيهَا لَامْتَنَعَ اكْتِرَاؤُهَا بِدَيْنٍ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ، وَكَذَا شِرَاؤُهَا بِهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ، وَقَدْ كَانَ عج يَعْمَلُ بِهِ فَكَانَتْ لَهُ حَانُوتٌ سَاكِنٌ فِيهَا مُجَلِّدٌ يُجَلِّدَ الْكُتُب فَكَانَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ جَرَّةٌ فِي ذِمَّتِهِ يَسْتَأْجِرُهُ بِهَا عَلَى تَسْفِيرِ كُتُبٍ وَكَانَ يَقُولُ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ اهـ. عَلَى أَنَّ الْبُنَانِيَّ قَالَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَمْنَعُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي مَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا فِي الضَّرُورَةِ فَهُوَ عِنْدَهُ جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي صَحْرَاءَ وَلَا يَجِدُ كِرَاءً وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَنَافِعِ دَابَّةٍ عَنْ دَيْنِهِ قَالَهُ فِي رَسْمِ السَّلَمِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.

مِنْهُ بِلَفْظِهِ قَالَ عبق وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ حَالًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِذْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنَافِعِ تُسْتَوْفَى مِنْ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ حُلُولِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ، بَلْ فِي الْمَوَّاقِ إنَّ ابْنَ سِرَاجٍ قَالَ لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ أَجَلًا فَيَجُوزُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي خِدْمَةِ الْمُعَيَّنِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَقَدْ رَشَّحَهُ أَيْ رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ جَوَازُ مَنْ لَهُ عِنْدَ شَخْصٍ دَيْنٌ فَيَقُولُ لَهُ اُحْرُثْ مَعِي الْيَوْمَ أَوْ تَنْسِجُ مَعِي الْيَوْمَ وَأُعْطِيك مِمَّا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ فِي نَظِيرِ هَذَا دِرْهَمًا، وَكَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي زَمَنٍ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنْ يَقْتَطِعَ لَهُ أُجْرَةً مِمَّا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقَاصَّهُ مِمَّا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَكُنْ يَخْفَى عَلَى ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَمَا خَالَفَهُ إلَّا لِظُهُورِهِ أَيْ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>