للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّي هَذَا الطَّرْزِ وَالصَّبْغِ بِنَفْسِهِ لَمْ يُحْسَبْ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ وَصَفَ ثَمَنًا عَلَى سِلْعَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ عِنْدَنَا تَتْبَعُ قَوْلَهُ بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ بِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ يَقُولُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَصِيغَةٌ أَوْ مُرَابَحَةٌ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ إذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ أَيْ يَنْقُصُ السُّدُسُ فِي الْوَضِيعَةِ أَوْ يَزِيدُ السُّدُسُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ سُدُسٌ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ مَعْنَاهُ يُضَافُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ، فَيَكُونُ الزِّيَادَةُ أَوْ النُّقْصَانُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ مُحَالٌ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَعَ بَقِيَّةِ تَفَارِيعِ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَنَا مَا يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ وَعَكْسُهُ.

وَلَوْلَا الْعَوَائِدُ لَكَانَ هَذَا تَحَكُّمًا صِرْفًا وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ جَائِزٌ إجْمَاعًا، وَلَوْ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ فِي زَمَانِنَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ بَيْعٌ لِعَدَمِ فَهْمِ الْمَقْصُودِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يُسْلَمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِلْأَدِلَّةِ وَيُرَدُّ عَلَى تَأْكِيدِهِ بِالْآيَةِ أَنَّ الْآيَةَ أَعَمُّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عِنْدَ التَّعَارُضِ قَالَ الْأَصْلُ وَهُمَا إيرَادَانِ صَحِيحَانِ مُتَّجَهَانِ لَا يَحْضُرُنِي عَنْهُمَا جَوَابٌ فَتَأَمَّلْ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي خُصُوصِ الْبَيْعِ.

وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ لَا يَتَوَقَّفُ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْقَبْضِ إلَّا الْبَيْعُ اهـ. وَقَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ الْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْقَرْضِ وَالصُّكُوكِ وَهِيَ أُعْطِيَاتُ النَّاسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي طَعَامِ أَهْلِ الصُّلْحِ وَوَقَعَتْ الرُّخْصَةُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفْتَرِقَ الْعَقْدَانِ فِي أَجَلٍ أَوْ مِقْدَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِالْمُكَايَسَةِ وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْجَمِيعَ نَظَرًا لِلنَّقْلِ وَالْمُعَاوَضَةِ اهـ. وَقَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْعُقُودُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَكُونُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَقِسْمٌ يَكُونُ بِمُعَاوَضَةٍ وَهُوَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ

(أَحَدُهَا) يَخْتَصُّ بِقَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَهِيَ الْبُيُوعُ وَالْإِجَارَاتُ وَالْمُهُورُ وَالصُّلْحُ وَالْمَالُ الْمَضْمُونُ بِالتَّعَدِّي وَغَيْرِهِ

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) لَا يَخْتَصُّ بِقَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الرِّفْقِ وَهُوَ الْقَرْضُ

(وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) مَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَعْنِي عَلَى قَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَعَلَى قَصْدِ الرِّفْقِ كَالشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالْبَتُولِيَّةِ وَتَحْصِيلِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَنَّ مَا كَانَ بَيْعًا وَبِعِوَضٍ فَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَشْتَرِطُ فِيهِ الْقَبْضَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ مَا كَانَ خَالِصًا لِلرِّفْقِ أَعْنِي الْقَرْضَ فَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي بَيْعِهِ أَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْقَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ مِمَّا يَكُونُ بِعِوَضِ الْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالْجُعْلِ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ قَصْدِ الرِّفْقِ وَالْمُغَابَنَةِ وَهِيَ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِقَالَةُ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْإِقَالَةُ أَوْ التَّوْلِيَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَلَا التَّوْلِيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخُ بَيْعٍ لَا بَيْعٌ فَعُمْدَةُ مَنْ اشْتَرَطَ الْقَبْضَ فِي جَمِيعِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ التَّوْلِيَةَ وَالْإِقَالَةَ وَالشَّرِكَةَ لِلْأَثَرِ وَالْمَعْنَى أَمَّا الْأَثَرُ فَمَا. رَوَاهُ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ» .

وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَإِنَّ هَذِهِ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا الرِّفْقُ لَا الْمُغَابَنَةُ مَا لَمْ تَدْخُلْهَا زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ الصَّدَاقَ وَالْخُلْعَ وَالْجُعْلَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بَيِّنًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا اهـ. هَذَا تَنْقِيحُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ تَلْخِيصِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَبَيَانِ الْخِلَافِ وَمَدَارِكِهِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْبِدَايَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ]

(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ)

وَهُوَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي حَكَمَتْ الْعَوَائِدُ بِأَنَّهَا تَتْبَعُ بِشَيْءٍ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ لَفْظُ الشَّرِكَةِ وَلَفْظُ الْأَرْضِ وَلَفْظُ الْبِنَاءِ وَلَفْظُ الدَّارِ وَلَفْظُ الْمُرَابَحَةِ وَلَفْظُ الشَّجَرِ وَلَفْظُ الثِّمَارِ وَلَفْظُ الْعَبْدِ وَيَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ مَا يَتْبَعُهَا وَالْخِلَافُ فِي الْبَعْضِ ثَمَانِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)

لَفْظُ الشَّرِكَةِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ أَشْرَكْتُك مَعِي فِي السِّلْعَةِ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)

لَفْظُ الْأَرْضِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ بَيْعُ الْأَرْضِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْأَشْجَارُ وَالْبِنَاءُ دُونَ الزَّرْعِ الظَّاهِرُ كَمَأْبُورِ الثِّمَارِ فَإِنْ كَانَ كَامِنًا فِي الْأَرْضِ انْدَرَجَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا تَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>