للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُومَةٌ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ فَاسْتُصْحِبَ الْعَقْدُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَدْ ظَهَرَ

(الْفَرْقُ التَّاسِعَ عَشَرَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ الْتِقَاطُهُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ الْتِقَاطُهُ)

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ الِالْتِقَاطُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا وَمُحَرَّمًا وَمَكْرُوهًا بِحَسَبِ حَالِ الْمُلْتَقِطِ وَحَالِ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ وَأَهْلِهِ، وَمِقْدَارِ اللُّقَطَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ مَأْمُونًا، وَلَا يَخْشَى السُّلْطَانُ إذَا أَشْهَرَهَا، وَهِيَ بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءَ لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُمْ، وَلَهَا قَدْرٌ فَأَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا مُسْتَحَبٌّ، وَهَذِهِ صُورَةُ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ خُذْهَا، وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِصَاحِبِهَا خَوْفَ أَنْ يَأْخُذَهَا مَنْ لَيْسَ بِمَأْمُونٍ، وَلَا يَنْتَهِي إلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءَ وَبَيْنَ غَيْرِ الْأُمَنَاءِ يَجِبُ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ وَلِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ غَيْرَ مَأْمُونٍ إذَا أَشْهَرَهَا أَخَذَهَا، أَوْ الْوَاجِدُ غَيْرُ أَمِينٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ لِضَيَاعِ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً كُرِهَ أَخْذُهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيرِ وَعَدَمُ الِاحْتِفَالِ بِهِ، وَالْحَقِيرُ كَالدِّرْهَمِ، وَنَحْوِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي لُقَطَةِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَفْضَلُ تَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَمُرُّ بِاللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهَا، وَالْأَفْضَلُ أَخْذُهَا لِأَنَّ فِيهِ صَوْنَ مَالِ الْغَيْرِ الثَّالِثُ أَخْذُ الْجَلِيلِ أَفْضَلُ، وَتَرْكُ الْحَقِيرِ أَفْضَلُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ، وَإِمَامٍ عَدْلٍ أَمَّا بَيْنَ الْخَوَنَةِ، وَلَا يُخْشَى السُّلْطَانُ إذَا عُرِّفَتْ فَالْأَخْذُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَبَيْنَ خَوَنَةٍ، وَيَخْشَى مِنْ الْإِمَامِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا، وَتَرْكِهَا بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَيُّ الْخَوْفَيْنِ أَشَدُّ، وَيُسْتَثْنَى لُقَطَةُ الْحَاجِّ فَلَا يَجْرِي فِيهَا هَذَا الْخِلَافُ كُلُّهُ لِأَنَّهَا بِالتَّرْكِ أَوْلَى لِأَنَّ مُلْتَقِطَهَا يَرْحَلُ إلَى قُطْرِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ التَّعْرِيفِ.

(قَاعِدَةٌ) خَمْسٌ اجْتَمَعَتْ الْأُمَمُ مَعَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ عَلَيْهَا، وَهِيَ وُجُوبُ حِفْظِ النُّفُوسِ وَالْعُقُولِ فَتَحْرُمُ الْمُسْكِرَاتُ بِإِجْمَاعِ الشَّرَائِعِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ فِي شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ فَحَرُمَ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ، وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ بِتَنَاوُلِ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ، وَأُبِيحَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الشَّرَائِعِ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ، وَحِفْظِ الْأَعْرَاضِ فَيَحْرُمُ الْقَذْفُ، وَسَائِرُ السِّبَابِ، وَيَجِبُ حِفْظُ الْأَنْسَابِ فَيَحْرُمُ الزِّنَى فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ، وَالْأَمْوَالُ يَجِبُ حِفْظُهَا فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ فَتَحْرُمُ السَّرِقَةُ، وَنَحْوُهَا، وَيَجِبُ حِفْظُ اللُّقَطَةِ عَنْ الضَّيَاعِ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ قَاعِدَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْأَرْضُ وَالْأَشْجَارُ بَيْنَهُمَا اهـ.

فَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْعَاقِبَةِ فِي ثَبَاتِ الشَّجَرِ وَجَوْدَةِ الْأَرْضِ، وَمُؤْنَاتُ الْأَسْبَابِ عَلَى مُؤْنَاتِ الشَّجَرِ مَعَ طُولِ الْأَيَّامِ فَقَدْ يَطَّلِعُ عَلَى تَعَذُّرِ ذَلِكَ أَوْ فَرْطِ بُعْدِهِ فَإِلْزَامُهُ بِالْعَمَلِ ضَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ

(وَأَمَّا الْوَكَالَةُ) فَقَدْ يَطَّلِعُ فِيمَا وُكِّلَ عَلَيْهِ عَلَى تَعَذُّرٍ أَوْ ضَرَرٍ فَجُعِلَتْ عَلَى الْجَوَازِ

(وَأَمَّا تَحْكِيمُ الْحَاكِمِ) فَلِأَنَّهُ خَطَرٌ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اللُّزُومِ إذَا حَكَمَ، وَقَدْ يَطَّلِعُ الْخَصْمَانِ عَلَى سُوءِ الْعَاقِبَةِ فِي ذَلِكَ فَنَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا لَمْ يُشْرَعْ اللُّزُومُ فِي حَقَّيْهِمَا اهـ.

كَلَامُ الْأَصْلِ بِزِيَادَةٍ

(وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) أَهْمَلَهُ الْأَصْلُ بَلْ عَدَّ الْمُغَارَسَةَ الَّتِي جَعَلَهَا ابْنُ غَازِيٍّ مِنْهُ وَتَبِعَهُ التَّاوَدِيُّ وَالتُّسُولِيُّ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَحَصَرَهُ فِي خَمْسَةِ عُقُودٍ الْمُغَارَسَةُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي نَظْمِ ابْنِ غَازِيٍّ، وَلَمْ يَحْصُرْ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ فِي الْأَرْبَعَةِ الَّتِي حَصَرَهُ فِيهَا ابْنُ غَازِيٍّ بَلْ زَادَ عَلَيْهَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَعُقُودَ الْوِلَايَاتِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْمُزَارَعَةَ وَالشَّرِكَاتِ كَمَا أَدْخَلَ بِهَا الْمُسَاقَاةَ، وَصَحَّحَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّاطِّ كَلَامَهُ حَتَّى صَارَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا أَنَّ الَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدَهُمَا مِنْ الْمُنَازَعَةِ فِي الْمُغَارَسَةِ قَوْلٌ بِعَدَمِ اللُّزُومِ بِالْقَوْلِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ وَالشَّرِكَاتِ الْقَوْلُ بِاللُّزُومِ بِالْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَعُقُودِ الْوِلَايَاتِ فَإِنَّ مُفَادَ كَلَامِ التَّاوَدِيِّ وَالتُّسُولِيِّ أَنَّهَا مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ لِتَصْرِيحِهِمَا بِحَصْرِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا الثَّانِي فِي أَرْبَعَةٍ دُونَ الثَّالِثِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُرَدُّ مِنْ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُرَدُّ مِنْهُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ]

(الْفَرْقُ الْعَاشِرُ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُرَدُّ مِنْ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُرَدُّ مِنْهُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ)

الْقِرَاضُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ:

وَالنَّقْدُ وَالْحُضُورُ وَالتَّعْيِينُ ... مِنْ شَرْطِهِ وَيُمْنَعُ التَّضْمِينُ

وَلَا يَسُوغُ جَعْلُهُ إلَى أَجَلٍ ... وَفَسْخُهُ مُسْتَوْجِبٌ إذَا نَزَلَ

وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ يَنْفَرِدُ ... بِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ يَقَعْ يُرَدَّ

قَالَ التَّسَوُّلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَ النَّاظِمُ مِنْ شُرُوطِ الْقِرَاضِ ثَلَاثَةً النَّقْدَ وَالْحُضُورَ وَالتَّعْيِينَ، وَمِنْ الْمَوَانِعِ ثَلَاثَةً الضَّمَانَ وَالْأَجَلَ وَاشْتِرَاطَ شَيْءٍ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَالشَّرْطُ مَا يُطْلَبُ وُجُودُهُ، وَالْمَانِعُ مَا يُطْلَبُ عَدَمُهُ.

وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شُرُوطٌ أُخَرُ، وَمَوَانِعُ أُخَرُ اُنْظُرْهَا فِي خَلِيلٍ، وَغَيْرِهِ اهـ.

وَالْأَصْلُ فِي فَاسِدِهِ الرَّدُّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَلِأَنَّهُ الْعَمَلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْقَبَسِ حَكَى فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ

(الْأَوَّلُ) عَنْ مَالِكٍ الرَّدُّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ مُطْلَقًا جَرْيًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>