للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى شَكْلٍ مَخْصُوصٍ مُرَبَّعٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُرَبَّعُ مَقْسُومًا بُيُوتًا فَيُوضَعُ فِي كُلِّ بَيْتٍ عَدَدٌ حَتَّى تَكْمُلَ الْبُيُوتُ فَإِذَا جُمِعَ صَفٌّ كَامِلٌ مِنْ أَضْلَاعِ الْمُرَبَّعِ فَكَانَ مَجْمُوعُهُ عَدَدًا وَلْيَكُنْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَلْتَكُنْ الْأَضْلَاعُ الْأَرْبَعَةُ إذَا جُمِعَتْ كَذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُرَبَّعُ الَّذِي هُوَ مِنْ الرُّكْنِ إلَى الرُّكْنِ كَذَلِكَ فَهَذَا وَفْقٌ فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ مِائَةً وَمِنْ كُلِّ جِهَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِائَةٌ فَهَذَا لَهُ آثَارٌ مَخْصُوصَةٌ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُرُوبِ وَنُصِرَ مَنْ يَكُونُ فِي لِوَائِهِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَهُوَ خَاصٌّ بِتَيْسِيرِ الْعَسِيرِ، وَإِخْرَاجِ الْمَسْجُونِ، وَأَيْضًا الْجَنِينِ مِنْ الْحَامِلِ وَتَيْسِيرِ الْوَضْعِ وَكُلِّ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَكَانَ الْغَزَالِيُّ يَعْتَنِي بِهِ كَثِيرًا حَتَّى أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَضَابِطُهُ (ب ط د ز هـ ج وا ح) فَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا لَهُ عَدَدٌ إذَا جُمِعَ عَدَدُ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَانَ مِثْلَ عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَالْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالطَّاءُ بِتِسْعَةٍ وَالدَّالُ بِأَرْبَعَةٍ صَارَ الْجَمِيعُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالزَّايُ بِسَبْعَةٍ وَالْوَاوُ بِسِتَّةٍ صَارَ الْجَمِيعُ مِنْ الضِّلْعِ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ الْفِطْرُ مِنْ الرُّكْنِ إلَى الرُّكْنِ تَقُولُ الْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالْهَاءُ بِخَمْسَةٍ وَالْحَاءُ بِثَمَانِيَةٍ الْجَمِيعُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ مِنْ حِسَابِ الْجُمَلِ وَعَلَى هَذَا الْمِثَالِ وَهِيَ الْأَوْفَاقُ وَلَهَا كُتُبٌ مَوْضُوعَةٌ لِتَعْرِيفِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

عَلَى شَكْلٍ مَخْصُوصٍ) إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِيهَا قُلْتُ مَا قَالَهُ فِيهَا صَحِيحٌ مَعَ أَنَّهُ تَسَامَحَ فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مُنَاسَبَاتِ الْأَعْدَادِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الْمُسَاوَاةِ بِحَسَبِ جَمْعِ مَا فِي كُلِّ سَطْرٍ مِنْ بُيُوتِ مُرَبَّعَاتِهَا وَجَمِيعِ مَا فِي الْبُيُوتِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْقُطْرِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ، وَهُمْ ذِمَّةٌ يَحْلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا، وَلَا كَتَمَا، وَلَا اشْتَرَيَا بِهِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُم شَهَادَةَ اللَّهِ إنَّا إذًا لَمِنْ الْآثِمِينَ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ يُقْبَلُ الْكَافِرُ عَلَى مِلَّتِهِ دُونَ غَيْرِهَا لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ٦٤] وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ» ، وَقِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ، وَهُنَا أَوْلَى إذْ الشَّهَادَةُ آكَدُ مِنْ الْخَبَرِ وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِ إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ» ؛ وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ.

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] قَالُوا فَإِنَّ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ حَنْبَلٍ وَإِذَا جَازَ عَلَى الْمُسْلِمِ جَازَتْ عَلَى الْكَافِرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَجَوَابُهُ بِوُجُوبِهِ (الْأَوَّلُ) أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ، وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ مِنْ غَيْرِ حِلْفِكُمْ فَمَا تَعَيَّنَ مَا قَالُوهُ.

(الثَّانِي) أَنَّ مَعْنَى الشَّهَادَةِ التَّحَمُّلُ، وَنَحْنُ نُجِيزُهُ أَوْ الْيَمِينُ {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٦] كَمَا قَالَ فِي اللِّعَانِ.

(الثَّالِثُ) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ، وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ «الْيَهُودَ جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُمْ يَهُودِيَّانِ فَذَكَرَتْ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُمَا زَنَيَا فَرَجَمَهُمَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ رَجْمَهُمَا بِشَهَادَتِهِمْ، وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ إنْ شَهِدَ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ رَجَمْتهمَا فَجَوَابُهُ بِوُجُوهٍ:

(الْأَوَّلُ) إنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ مِنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ.

(الثَّانِي) أَنَّهُ نُقِلَ أَنَّهُمَا اعْتَرَفَا بِالزِّنَا فَلَمْ يَرْجُمْهُمَا بِالشَّهَادَةِ.

(الثَّالِثُ) أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَمَهُمَا بِالْوَحْيِ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيفِ، وَشَهَادَةُ الْكُفَّارِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ حَدُّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الْجَلْدُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْوَحْيُ الَّذِي يَخُصُّهُمَا، وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُ أَوْلَادَهُ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِسْقَ عِنْدَنَا لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ لِأَنَّ وَازِعَهَا طَبِيعِيٌّ، وَيُنَافِي الشَّهَادَةَ لِأَنَّ وَازِعَهَا دِينِيٌّ فَافْتَرَقَا لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْكُفَّارِ عِنْدَنَا فَاسِدٌ، وَالْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهُ.

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّهُمْ يَدِينُونَ فِي الْحُقُوقِ قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥] فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: ٧٥] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ مَا لَنَا بَلْ جَمِيعُ أَدِلَّتِكُمْ مُعَارَضَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: ٢١] وقَوْله تَعَالَى {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: ٢٠] فَنَفَى تَعَالَى التَّسْوِيَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِلَّا حَصَلَتْ التَّسْوِيَةُ قَالَ الْأَصْحَابُ، وَنَاسِخُ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ الْأَرْبَعَةُ فِي الزِّنَا]

(الْبَابُ الثَّالِثُ) فِي بَيَانِ مَا تَكُونُ الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ وَشُرُوطُهَا الْيَمِينُ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُدْرَكِ وَفِيهِ وُصُولٌ

(الْوَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي التَّبْصِرَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ أَيْ بِالنِّيَّةِ التَّامَّةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى الْإِحْبَاسِ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>