للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الْجُبْنِ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الشَّرِّ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الْخَيْرِ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى أَيُّ شَيْءٍ عَظَّمَتْهُ هَلَكَ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَيْنِ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْذِي بِالْعَيْنِ وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ بِهَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَصِيدُ بِالْعَيْنِ الطَّيْرَ فِي الْهَوَى وَيَقْلَعُ الشَّجَرَ الْعَظِيمَ مِنْ الثَّرَى أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْعُدُولُ وَغَيْرُهُمْ وَآخَرُ لَا يَصِلُ بِعَيْنِهِ إلَى ذَلِكَ بَلْ التَّمْرِيضُ اللَّطِيفُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ طُبِعَ عَلَى صِحَّةِ الْحَزْرِ فَلَا يُخْطِئُ الْغَيْبَ عِنْدَ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَهُمْ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الرَّمَلِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي أَحْكَامِ النُّجُومِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الْكَتِفِ أَبَدًا، وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ السَّيْرِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ طُبِعَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُطْبَعْ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنْ تَوَجَّهَتْ نَفْسُهُ لِطَلَبِ الْغَيْبِ عِنْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْخَاصِّ أَدْرَكَتْهُ بِخَاصِّيَّتِهَا لَا؛ لِأَنَّ النُّجُومَ فِيهَا شَيْءٌ، وَلَا الْكَتِفَ، وَلَا الرَّمَلَ، وَلَا بَقِيَّتَهَا بَلْ هِيَ خَوَاصُّ نُفُوسٍ، وَبَعْضُهُمْ يَجِدُ صِحَّةَ أَعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ شَابٌّ فَإِذَا صَارَ كَبِيرًا فَقَدَهَا؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ نَقَصَتْ عَنْ تِلْكَ الْحِدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الشُّبُوبِيَّةِ وَقَدْ ذَهَبَتْ، وَمِنْ خَوَاصِّ النُّفُوسِ مَا يَقْتُلُ فَفِي الْهِنْدِ جَمَاعَةٌ إذَا وَجَّهُوا أَنْفُسَهُمْ لِقَتْلِ شَخْصٍ مَاتَ وَيُشَقُّ صَدْرُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ قَلْبُهُ بَلْ انْتَزَعُوهُ مِنْ صَدْرِهِ بِالْهِمَّةِ وَالْعَزْمِ وَقُوَّةِ النَّفْسِ وَيُجَرِّبُونَ بِالرُّمَّانِ فَيَجْمَعُونَ عَلَيْهِ هِمَمَهُمْ فَلَا تُوجَدُ فِيهِ حَبَّةٌ وَخَوَاصُّ النُّفُوسِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَإِلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ»

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مِنْ الصَّحَابَةِ الْوَارِدِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ قَالَ وَيَرَيَانِ مَعًا تَخْصِيصَ الْقِيَاسِ، وَنَقْصَ الْعِلَّةِ، وَلَا يَرَى الشَّافِعِيُّ لِعِلَّةِ الشَّرْعِ إذَا ثَبَتَتْ تَخْصِيصًا.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الِاسْتِحْسَانُ إيثَارُك مُقْتَضَى الدَّلِيلِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالتَّرَخُّصُ لِمُعَارَضَةِ مَا يُعَارَضُ بِهِ فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهِ، وَقَسَّمَهُ أَقْسَامًا عَدَّ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، وَهِيَ تَرْكُ الدَّلِيلِ لِلْعُرْفِ، وَتَرْكُهُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَتَرْكُهُ لِلْيَسِيرِ لِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ، وَإِيثَارِ التَّوْسِعَةِ وَحَدَّهُ غَيْرُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ اسْتِعْمَالُ مَصْلَحَةٍ جُزْئِيَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ قِيَاسٍ كُلِّيٍّ قَالَ فَهُوَ تَقْوِيمُ الِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَقَالَ الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ الْقِيَاسِ هُوَ أَنْ يَكُونَ طَرْحًا لِقِيَاسٍ يُؤَدِّي إلَى عُلُوٍّ فِي الْحُكْمِ وَمُبَالَغَةٍ فِيهِ فَعُدِلَ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِمَعْنًى يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ يَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، وَهَذِهِ تَعْرِيفَاتٌ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ الْأَدِلَّةِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ يُقَيَّدُ بَعْضُهَا، وَيُخَصَّصُ بَعْضُهَا كَمَا فِي الْأَدِلَّةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْقُرْآنِيَّةِ، وَلَا يَرُدُّ الشَّافِعِيُّ مِثْلَ هَذَا أَصْلًا كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَرَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الِاسْتِحْسَانِ قَدْ يَكُونُ أَغْلَبَ مِنْ الْقِيَاسِ، وَجَاءَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفَرْقَ فِي الْقِيَاسِ يَكَادُ يُفَارِقُ السُّنَّةَ اهـ.

الْمُرَادُ بِلَفْظِهِ مَعَ تَقْدِيمٍ، وَتَأْخِيرٍ وَقَوْلِ ابْنِ السُّبْكِيّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ بِتَوْضِيحِ مِنْ الْمَحَلِّيِّ، وَفَسَّرَ الِاسْتِحْسَانَ بِعُدُولٍ عَنْ الدَّلِيلِ إلَى الْعَادَةِ لِلْمَصْلَحَةِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَيْ الْعَادَةَ حَقٌّ لِجَرَيَانِهَا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ مِنْهُ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ مِنْ السُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ فَيُعْمَلُ بِهَا قَطْعًا، وَإِلَّا ثَبَتَتْ حَقِيقَتُهَا رُدَّتْ قَطْعًا أَيْ فَلَا تَصِحُّ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْعَلَّامَةُ الْعَطَّارُ بَلْ قَالَ فِيهِ أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، وَإِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ فَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ بِلَفْظِهِ اهـ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْعَلَّامَةُ الشِّرْبِينِيُّ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ) فِي بَيَانِ مَا تَكُونُ فِيهِ الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ، وَالْخِلَافُ فِي قَبُولِهَا، وَدَلِيلُهُ، وَفِيهِ وَصْلَانِ

(الْوَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي التَّبْصِرَةِ قَالَ الرُّعَيْنِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ، وَيَحْكُمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي كُلِّ حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ أَيِّ السِّلَعِ كَانَ مِنْ دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ مُقَارَضَةٍ أَوْ جُعْلٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ تَسَلُّفٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلثَّوَابِ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ حَبْسٍ أَيْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ سُكْنَى أَوْ خُدَّامٍ أَوْ صَدَاقٍ أَوْ صُلْحٍ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي عَمْدٍ، وَخَطَأٍ أَوْ جِرَاحَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ جِرَاحَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ تَبَرٍّ مِنْ عَيْبٍ أَوْ رَضِيَ بِهِ بَعْد الْعِلْمِ مِنْ غَيْرِ تَبَرٍّ أَوْ وَكَالَةٍ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يَكُونُ مَالًا أَوْ يَئُولُ إلَى مَالٍ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا، وَحَلَفَ مَعَهُ أَخْذًا مَا يَدَّعِي، وَيَثْبُتُ فِي الْقَتْلِ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الْقَسَامَةِ اهـ.

قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَكُونُ فِي الْمُشَاتَمَةِ مَا عَدَا الْحُدُودَ فِي الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَكَالَةِ بِالْمَالِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ هَلْ يَجُوزُ فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ وَهْبٍ أَوْ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ، وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهِمَا بَاشَرَتْ مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَكِنَّهَا تَئُولُ إلَى الْمَالِ فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ الْمَالَ فَأَجَازُوا فِي ذَلِكَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>