للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَحَبَّةُ لِلصَّالِحِينَ، وَالْبِغْضَةُ لِلطَّالِحِينَ بِسَبَبِ أَنَّ مُتَعَلَّقَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ غَيْرُ مُتَعَلَّقِ الْآخَرِ كَذَلِكَ هَا هُنَا اخْتَلَفَتْ الْإِضَافَةُ فَنَقُولُ: اعْتَقَدَ هَذَا الْفِعْلَ وَاجِبًا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَمَنْدُوبًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَيَجْمَعُهُمَا فِي ذِهْنِهِ بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْنِ وَإِضَافَتَيْنِ كَمَا يَصْدُقُ أَنَّ زَيْدًا أَبٌ لِعَمْرٍو لَيْسَ أَبًا لِخَالِدٍ فَاجْتَمَعَ فِيهِ النَّقِيضَانِ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَرْبَابُ الْمَعْقُولِ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّنَاقُضِ وَالتَّضَادِّ اتِّحَادَ الْإِضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ فِي الْأُبُوَّةِ، فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْإِضَافَةُ اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ وَالضِّدَّانِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجْتَمِعُ فِي الذِّهْنِ الْوَاحِدِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ بِاعْتِبَارِ خَمْسَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَصَوَّرْنَا الْجَمْعَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَالْمَحَبَّةُ لِلصَّالِحِينَ، وَالْبِغْضَةُ لِلطَّالِحِينَ بِسَبَبِ أَنَّ مُتَعَلَّقَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ غَيْرُ مُتَعَلَّقِ الْآخَرِ كَذَلِكَ هَا هُنَا اخْتَلَفَتْ الْإِضَافَةُ فَنَقُولُ: اعْتِقَادُ هَذَا الْفِعْلِ وَاجِبًا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَمَنْدُوبًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَيَجْمَعُهَا فِي ذِهْنِهِ بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْنِ وَإِضَافَتَيْنِ كَمَا يَصْدُقُ أَنَّ زَيْدًا أَبٌ لِعَمْرٍو، وَلَيْسَ أَبًا لِخَالِدٍ فَاجْتَمَعَ فِيهِ النَّقِيضَانِ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَرْبَابُ الْمَعْقُولِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّنَاقُضِ وَالتَّضَادِّ اتِّحَادَ الْإِضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ فِي الْأُبُوَّةِ، فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْإِضَافَةُ اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ وَالضِّدَّانِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجْتَمِعُ فِي الذِّهْنِ الْوَاحِدِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ بِاعْتِبَارِ خَمْسَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَصَوَّرْنَا الْجَمْعَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَشَرَ وَتَفْصِيلًا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ ذُكُورَ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ عَشَرَةٌ وَيَتَفَرَّعُونَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَإِنَاثُ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ سَبْعٌ وَيَتَفَرَّعْنَ أَيْضًا إلَى عَشَرَةٍ نَعَمْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَأَجْزَاءُ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ كُلِّيَّةٌ لَا تَحَقُّقَ لَهَا إلَّا فِي الذِّهْنِ قَطْعًا فَلَا أَقْسَامَ لَهَا بِخُصُوصِهَا فَإِنَّمَا أَقْسَامُهَا مَا تَحْتَهَا مِنْ الْأَسْبَابِ التَّامَّةِ، وَأَجْزَاؤُهَا الْخَاصَّةُ وَأَقْسَامُهُمَا فَافْهَمْ قَالَ الْأَصْلُ وَالدَّلِيلُ عَلَى حَصْرِ الْأَسْبَابِ غَيْرِ التَّامَّةِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْأَمْرَ الْعَامَّ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إبْطَالُهُ أَوْ لَا فَإِنْ أَمْكَنَ إبْطَالُهُ فَهُوَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إبْطَالُهُ فَإِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَ التَّوَارُثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا أَوْ لَا فَإِنْ اقْتَضَى التَّوَارُثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا فَهُوَ الْقَرَابَةُ وَالِاحْتِرَازُ بِ غَالِبًا مِنْ الْعَمَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ يَرِثُهَا ابْنُ أَخِيهَا، وَلَا تَرِثُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَّا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى الْأَسْفَلَ، وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى. اهـ. قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَمَا ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ مُفِيدًا لِلْحَصْرِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ كَوْنِهِ يُمْكِنُ إبْطَالُهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَوْنِ النِّكَاحِ سَبَبَ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا النِّكَاحُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْهُ إبْطَالٌ أَمَّا اللَّاحِقُ بِهِ الْإِبْطَالُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا، وَمَا ثَبَتَتْ سَبَبِيَّتُهُ لَمْ تُرْفَعْ لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَرَابَةِ أَمْرٌ ثَانٍ عَنْ كَوْنِ سَبَبِ الْإِرْثِ لَيْسَ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّ السَّبَبِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ اطِّرَادِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَلَاءِ، وَكَذَلِكَ أَمْرٌ ثَانٍ عَنْ كَوْنِ سَبَبِيَّتِهِ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ مَا حَصَرُوهَا فِي ثَلَاثَةٍ إلَّا لِكَوْنِهَا أُمُورًا مُخْتَلِفَةً ثُمَّ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الْمِيرَاثِ سِوَاهَا ثُمَّ إنَّهَا لَيْسَتْ أَسْبَابًا عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ مُقَيَّدَةً بِتَعْيِينِ مَنْ يَرِثُ. اهـ. بَلْ قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ

جَمِيعُهَا أَرْكَانُهُ ثَلَاثَهْ ... مَالٌ وَمِقْدَارٌ وَذُو الْوِرَاثَهْ

قَالَ التَّسَوُّلِيُّ أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِرْثُ بِالْعِصْمَةِ أَوْ الْوَلَاءِ أَوْ النَّسَبِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ أَيْ مَعْرِفَةِ مَالٍ مَتْرُوكٍ عَنْ الْمَيِّتِ وَمِقْدَارِ مَا يَرِثُهُ كُلُّ وَارِثٍ وَمَنْ يَرِثُ مِمَّنْ لَا يَرِثُ وَمَهْمَا اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ. اهـ. قَالَ التَّاوَدِيُّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ: وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَسْبَابُ الْمِلْكِ وَالْإِسْلَامِ خَلِيلٌ وَلِسَيِّدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ، وَفِي الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ إرْثًا مَجَازٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْمِلْكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَرِدُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: وَبَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَقِلُّ الْبَيْتُ. اهـ. وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَسْبَابِ التَّوَارُثِ وَقَاعِدَةِ شُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ]

(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَسْبَابِ التَّوَارُثِ، وَقَاعِدَةِ شُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ) وَهُوَ أَنَّ أَسْبَابَ التَّوَارُثِ هِيَ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَعْنِي الْقَرَابَةَ وَالْوَلَاءَ وَالنِّكَاحَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الْفُرُوقِ أَنَّ ضَابِطَ السَّبَبِ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ - وَلَوْ شَكًّا - الْعَدَمُ، وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ قَدْ وُجِدَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَسْبَابِ، وَأَمَّا مَوَانِعُهُ فَغَالِبُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ الْكُفْرُ وَالْقَتْلُ وَالرِّقُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ أَنَّ ضَابِطَ الْمَانِعِ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ - أَيْ يَقِينًا - الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ فِي وُجُودِهِ الْعَدَمُ بَلْ يَتَرَتَّبُ الثُّبُوتُ بِنَاءً عَلَى السَّبَبِ، وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ قَدْ وُجِدَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَانِعِ، وَأَمَّا مَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَوَانِعِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الشَّكِّ فِي أَهْلِ السَّفِينَةِ وَالرَّدْمِ، وَاللِّعَانِ، وَجَعْلِ الْمَوَانِعِ خَمْسَةً فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ الْمَذْكُورَ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِقْدَانِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْعِلْمُ أَوْ الْحُكْمُ بِتَقَدُّمِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَكَذَلِكَ اللِّعَانُ لَيْسَ بِمَانِعٍ بَلْ هُوَ سَبَبٌ فِي فِقْدَانِ السَّبَبِ، وَهُوَ النَّسَبُ، وَقَدْ قَالَ الْفُضَلَاءُ إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْحَقَائِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>