للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَانَ لَهُ ذَكَاءٌ وَفِطْنَةٌ، وَحِفْظٌ جَيِّدٌ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَرَّاقٌ كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ الْمُتَنَبِّي، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ هَذَا الْفَتَى، كَانَ الْيَوْمَ عِنْدِي، وَقَدْ أَحْضَرَ رَجُلٌ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الأَصْمَعِيِّ نَحْوَ ثَلاثِينَ وَرَقَةً لِيَبِيعَهُ، فَأَخَذَ يَنْظُرُ فِيهِ طَوِيلا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا هَذَا أُرِيدُ بَيْعَهُ، وَقَدْ قَطَعْتَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ حِفْظَهُ فَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَكُونُ بَعْدَ شَهْرٍ.

فَقَالَ لَهُ: فَإِنْ كُنْتُ قَدْ حَفِظْتُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَمَا لِي عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَهِبُ لَكَ الْكِتَابَ، قَالَ: فَأَخَذَ الدِّفْتَرَ مِنْ يَدِهِ فَأَقْبَلَ يَتْلُوهُ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ اسْتَلَبَهُ فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ، فَقَامَ صَاحِبُهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ، وَطَالَبَ بِالثَّمَنِ فَقَالَ: مَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ قَدْ وَهَبْتَهُ لِي، فَمَنَعْنَاهُ مِنْهُ.

وَقُلْنَا لَهُ: أَنْتَ اشْتَرَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ هَذَا لِلْغُلامِ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ.

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ «أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ»

رَحَلَ إِلَى الْبِلادِ، وَكَتَبَ الْكَثِيرَ، وَسَمِعَ، وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا مُتْقِنًا مِنْ كِبَارِ الْحُفَّاظِ.

<<  <   >  >>