للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصْلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ: " وَمِنْ أَدَبِ الْعَالِمِ تَرْكُ الدَّعْوَى لِمَا لَا يُحْسِنُهُ , وَتَرْكُ الْفَخْرِ بِمَا يُحْسِنُهُ , إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ كَمَا اضْطُرَّ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥] وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَعْرِفُ حَقَّهُ فَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فِيهِ وَيُعْطِيهِ بِقِسْطِهِ، وَرَأَى هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقْعَدَ لَا يَقْعُدُهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ وَقْتِهِ إِلَّا قَصَّرَ عَمَّا يَجِبُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقِيَامِ بِهِ مِنْ حُقُوقِهِ فَلَمْ يَسَعْهُ إِلَّا السَّعْيُ فِي ظُهُورِ الْحَقِّ بِمَا أَمْكَنَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ لِلْعَالِمِ حِينَئِذٍ الثَّنَاءُ عَلَى نَفْسِهِ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَوْضِعِهِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ تَحَدَّثَ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ لَهَا،

٩٨٨ - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَنَازَعَ فِيهَا الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ: «وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ فِيهَا بَارًّا تَابِعًا لِلْحَقِّ صَادِقًا» , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ تَزْكِيَةً لِنَفْسِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَفْضَحُ مَا يَكُونُ لِلْمَرْءِ دَعْوَاهُ بِمَا لَا يَقُومُ بِهِ" وَقَدْ عَابَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَقَالُوا فِيهِ نَظْمًا وَنَثْرًا فَمِنْ ذَلِكَ

٩٨٩ - قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّاشِيِّ:

[البحر الخفيف]

مَنْ تَحَلَّى بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ ... عَابَ مَا فِي يَدَيْهِ مَا يَدَّعِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>