للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمِ فيها على مذاهبِ كثيرةٍ، والمُحققُ الَّذي تنصرُه الأدلَّةُ مذهبُ من ذهبَ من العلماءِ إلى التَّفصيلِ، وذلكَ بأنَّ النَّهي عن الشَّيءِ واردٌ على ثلاثِ صُورٍ:

١ـ أن يقترنَ بقرينةٍ تدلُّ على بُطلانِ المنهيِّ عنهُ، أو صحَّةِ المنهيِّ عنه، فهذا قد فصلتْ فيهِ القرينةُ، فلا يندرجُ تحتَ القاعدَةِ المذكورةِ.

أمثلتُهُ:

[١] حديثُ عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهماَ، قالَ: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمنِ الكلبِ وإن جاءَ يطلُبُ ثمنَ الكلبِ فاملأ كفَّهُ ترَابًا [حديثٌ صحيحٌ أخرجه أبوداود] .

فأبطلَ العِوضَ عنهُ، وهذا إبطالٌ للبيعِ وإفسادٌ، فالنَّهيُ قدِ اقتضى الفسادَ بالنَّصِّ.

[٢] حديثُ المغيرةَ بن شُعبةَ رضي الله عنه قالَ: أكلتُ ثُومًا، ثمَّ أتيتُ مُصلَّى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدتُه قد سبقَنِي بركعةٍ، فلمَّا قمتُ أقضي وجَدَ ريحَ الثُّومِ، فقالَ: ((من أكلَ من هذه البقلةِ فلا يقربَنَّ مسجِدَنا حتَّى يذهبَ ريحُهَا)) قال المغيرةُ: فلمَّا قضيتُ الصَّلاةَ أيتهُ، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّ لي عُذرًا، فناوِلْنِي يدَكَ، فناولنِي فوجدْتُه والله سهلاً، فأدخلتُها في كُمِّي إلى صدرِي فوجَدَهُ معصوبًا، فقالَ: ((إنَّ لكَ عُذرًا)) [حديثٌ صحيحٌ أخرجه أبوداودَ وابنُ حبانَ وغيرهما] .

<<  <   >  >>