للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الصَّلاةِ في المسجدِ من أكلَ الثُّومَ حينَ شَمَّ رائحتَهُ من بعضِ أصحابِهِ، ولم يُرتِّبْ على ذلكَ شيئًا من إعادَةِ صلاةٍ أو غيرهَا مع اقتضاءِ المقامِ للبيانِ، فدلَّ على الصحَّةِ.

[٣] حديثُ أبي هُريرةَ رضي الله عنهُ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((لا تُصرُّوا الإبلَ والغَنمَ، فمنِ ابتَاعَها بعدَ ذلكَ فهوَ بخيرِ النَّظرينِ بعدَ أن يَحلبُهَا: فإنْ رضيهَا أمسكَهَا، وإن سخِطهَا ردَّهَا وصاعًا من تمرٍ)) [متفقٌ عليه] .

فمع النَِّهي عن التَّصريهِ فقد صحَّحَ البيع حيثُ جعلَ للمشتري الخِيارَ بسببِ المضرَّةِ الحاصلَةِ لهُ وهو الخِدَاعُ بالتَّصريةِ.

٢ـ أن يأتي النَّهيُ عن الشَّيءِ لا لشيءٍ يتعلَّقُ بهِ، بلْ لأمرٍ خارجٍ عنهُ، فهذا يقتضي الإثمَ بفعلِ المنهيِّ عنهُ، ولا يقتضي الفسادَ، بلْ يصحُّ الفعلُ وتترتَّبُ آثارُهُ عليهِ.

من أمثلتهِ:

[١] قولهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] .

فهذا نهيٌ عن البيعِ في لفظِهِ، لكنَّهُ نهيٌ عن تفويتِ الجُمُعةِ في معناهُ، والمقصودُ المعنى لا اللَّفظُ، ولذا كانَ كلُّ عملٍ مباحٍ يُسبِّبُ تفويتَ الجُمعةِ داخلاً في هذا النَّهيِ، وليسَ هذا النَّهيُ لشيءٍ يتعلَّقُ

<<  <   >  >>