للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عربيَّةٍ مُدركَةِ المعاني، كصفاتِ الذَّاتِ، مثلُ: (اليَدِ، والوجهِ، والعينِ) ، أو صفاتِ الفِعلِ (كنفخِ الرُّوحِ، وإبدَاعِ الخلقِ، وإنزالِ الرِّزقِ) ، فهذهِ بألفاظٍ عربيَّةٍ لا يخفى العِلمُ بها، وإنَّما الاشتِباهُ في إدراكِ كيفيَّاتهَا وكُنههَا، فالله عزَّوجلَّ مع تعرُّفِهِ إلى خلقِهِ بأسمائِهِ وصِفاتِهِ، إلاَّ أنَّه احتجبَ عنهُم بذاتِهِ، وحذَّرهُمْ من أن يُقيمُوا له صورَةً في الأذهانِ، فقالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ، فهوَ مع سمعِه وبصرِهِ وسائرِ صفاتِهِ الَّتي نُدركُ معاني ألفاظِهَا ونعلمُ فوارقَ ما بينهَا في دلالاتِها، إلاَّ أنَّه ليسَ كمِثلهِ شيءٌ فيها، فليسَ سمعٌ كسَمعِنَا ولا بصرٌ كبصرِنَا.

والأمرُ في ذلكَ كلِّه على القاعدَةِ المالكيَّةِ، فقدْ سُئلَ الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ رحمه الله عن استِواءِ الله تعالى على عرشِهِ؟ فقالَ: الكيفُ غيرُ معلومٍ، والاستِواءُ غيرُ مجهولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسُّؤالُ عنهُ بدْعَةٌ.

ومن الدَّليلِ على صحَّةِ هذا المِثالِ لـ (المُتشابِهِ) حديثُ عائشَةَ رضي الله عنهَا قالتْ: تلاَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} الآية إلى آخرِهَا [آل عمران: ٧] ، قالتْ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتُمُ الَّذينَ يتَّبعُونَ ما تشابَه منهُ فأولئِكَ الَّذينً سمَّى الله فَاحْذرُوهم)) [متفقٌ عليه] .

<<  <   >  >>