للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضلالَةٌ)) ، بلْ كانُوا يُدركُونَ أن لا مُشاحَةَ في الألفاظِ إذا احتملتِ المعاني الصَّحيحة، فأدركُوا أنَّ مرادَ عُمرَ بـ (البِدعة) غيرُ مرادِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بها، وحيثُ اختلفَ المقصودُ فلا يُعترضُ على عُمومِ الحديثِ بالتَّخصيصِ، فيقالُ: جرَى ذلكَ مجرَى الغالبِ في البِدعِ، أو يُصادَمُ الحديثُ بالقولِ: البِدعةُ منها ما هوَ حسنٌ وما هوَ قبيحٌ، وإنَّما يُفهمُ كلامُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على الوجهِ الَّلائقِ بهِ، وتعريفُه للأشياءِ هوَ المُقدَّمُ على تعريفِ من سِواهُ.

وحاصلُ القولِ:

أنَّ البِدعَ ما لاوجهَ لهُ في القياسِ، أو لا يندرجُ تحتَ أصلٍ عامٍّ من أصولِ التَّشريعِ، أو يقعُ به من زيادَةِ التَّكليفِ ما ليسَ مُرادًا للشَّرعِ لقصدِهِ التَّخفيفَ على المُكلَّفينَ، وليستْ تحتصُّ بكونِهَا ممَّا وردَ بهِ دليلُ الشَّرعِ.

وأمثلتُهَا في العقائدِ: الكلامُ في صفاتِ الله عزَّوجلَّ بالتَّأويلِ والتَّعطيلِ والتَّشبيهِ، وحملُ نصوصِ الوعدِ والوعيدِ واليومِ الآخرِ والجنَّةِ والنَّارِ على غيرِ الحقيقةِ، والقولُ في التَّوراةِ والإنجيلِ والقُرآنِ أنَّها ليستْ كلامَ الله، والطَّعنُ على أصحابِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بسبٍّ أو تفسيقٍ أو تكفيرٍ، واعتقادُ تخليدِ أصحابِ الكبائرِ من الموحدينَ في النَّارِ، ونفيُ علمِ الله السَّابقِ للموجودَاتِ، وغيرُ ذلكَ.

<<  <   >  >>