للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن مفهوم القدوس في اليهودية والمسيحية يختلف عن مفهومه في الإسلام. ذلك أن كلمة قدس التي هي " قاداش " بالعبرية تعني " فرز " أو " تجنيب ". أما المفهوم الإسلامي " للتقديس " فهو " التنزيه والتمجيد ". لذلك نجد في سفر الشريعة الموسوية يقول الله لموسى عليه السلام: " قدس لي كل بكر فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس ومن البهائم إنه لي " (خروج ١٣: ٢) . أي أفرز الأبكار.

فكلمة قدوس لهذا المولود تعني فرز الابن البكر الذي هو أول من فتح رحم الأم. من هذا يتبين أن المسيح كان مولودا عاديا جاز عليه ما جاز على غيره من البشر، وأنه وأمه خضعا تماما لناموس موسى. بعد ذلك نؤكد أن المسيح جاء من جوهر الإنسان فقد ولد من مريم العذراء التي كانت واحدة من بنات آدم الذي خلق من التراب والمعجزة هنا أن الله سبحانه قادر أن يعطي المرأة العاقر كما أنه يعطي المرأة العذراء. إذ قال سبحانه {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (١) . .

إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم فقد كان ذلك معجزة وبالمثل عندما خلق امرأته من جسمه: أليست هذه معجزة؟ إن لوقا يحدد الموقف فهو يربط بين مولد يوحنا المعمدان وبين مولد المسيح عليه السلام. فعندما تتعجب مريم العذراء لأنها ستحمل وتلد وهي لا تعرف رجلا يقول لها الملاك كما في إنجيل (لوقا ١: ٣٤ -٣٧) : " فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا. فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله. وهو ذا اليصابات نسيبتك هي أيضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك


(١) سورة آل عمران، آية ٥٩.

<<  <   >  >>