للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد آخرون أنه لم يكن في مقدور أحد أن يكون شاهدا لأغلب الحوادث المذكورة هنا، كما لم يكن في مقدوره أن يعلم ماهية الصلاة التي صلاها يسوع وحيدا. ولذلك فإنهم يعتبرون أن الصلاة النموذجية (في العدد ٣٦) وتكرارها ثلاث مرات إنما هي شيء مصطنع مثل القول بإنكار بطرس ثلاث مرات.

إن القرار الموثوق منه (حول حقيقة ما جرى في الحديقة) مستحيل (١) .

أما رواية لوقا عن آلام المسيح فنجد فيها ما يجعلنا نعرضها- إذ أنها تقول: " وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه أيضا تلاميذه، ولما صار إلى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة.

وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائلًا: يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. وظهر له ملاك من السماء يقويه. وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياما من الحزن، فقال لهم: لماذا أنتم نيام قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة " (٢٢: ٣٩-٤٦) .

ويقول جورج كيرد في تفسيره لهذه الفقرات: " حسب رواية مرقس (الذي كان مصدرا للوقا) نجد أن يسوع بدأ يكتنفه الآن الفزع والذهول وقد تحدث إلى تلاميذه عن الحزن الذي صحب استنزاف حياته وتلاشيها. ولما كان غير قادر على رفقة أعز أصحابه (تلاميذه) فإنه قضى الليل في تشنجات متتالية من صلاة المكروب. ولكن رواية لوقا المختصرة (بالنسبة لرواية مرقس) تعطينا بقدر الإمكان انطباعا أقوى من حالة الاضطراب التي حلت بيسوع. فلقد أخبرنا أن


(١) تفسير إنجيل مرقس: ص٣٨٩-٣٩٠.

<<  <   >  >>