للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتأمل قول الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} تجد أن الذكر هنا أيضًا بمعنى العلم، وإذا أجريت ما ذكرناه لك عن معنى الذكر هنا فهمت ضرورة أن قوله: {فاسألوا أهل الذكر} أي أهل الخوف من الله والخاشعين له والمستحضرين لعظمته وليس هؤلاء إلا العلماء لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} .

بل إن قوله تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فيه إشارة إلى ما قرر ناه، فشأن أهل الإيمان (الذين وردت الآية في سياق وصفهم) توجل قلوبهم بمجرد جريان خواطرهم به عز وجل عند سماع اسم من أسمائه أو صفة من صفاته أو أي شيء يشير إلى مقامه، ولو كان معنى الآية أن المؤمنين توجل قلوبهم بترداد ذكره وجريان اللسان لهجًا بالثناء عليه فليس في ذلك مزية، فمعظم الناس يوجلون عند ترداد الأذكار بحضور قلب، ولكن القليل هم الذين تتفاعل قلوبهم بمجرد ورود الخاطر عن الله.

إذا تقرر ذلك نعلم عندئذ أن ذكر الله عز وجل يكون باستحضار عظمته في القلب وليس نوعًا مستقلاً بذاته، لأن جريان اللسان بالذكر دون حراك القلب ليس مقصودًا من الله عز وجل وتقدس، قال تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وقال - صلى الله عليه وسلم -: "التقوى ههنا وأشار إلى

<<  <   >  >>