للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّذْرِ فِي الشِّرْكِ مِمَّا لَوْ نَذَرَهُ الْمُسْلِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي نَذَرَ ذَلِكَ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إِسْلَامِهِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ الَّذِي كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنَ نَذَرَ فِي حَالِ شِرْكِهِ نَذْرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ مِمَّا لَوْ نَذَرَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِهِ فِي إِسْلَامِهِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ لَوْ كَانَ نَذَرُهُ فِي إِسْلَامِهِ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِمُخَالِفِيهِمْ فِيهِ مِمَّا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَى نَاذِرِهِ، وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا جَاءَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: " فِ بِنَذْرِكَ " وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: فِ بِوَعْدِكَ، وَفِ لِفُلَانٍ بِمَا كَانَ مِنْكَ إِلَيْهِ مِنَ الْوَعْدِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَيَرُدُّونَ ذَلِكَ إِلَى الْوَفَاءِ، وَيَجْعَلُونَ مَكَانَهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ: أَوْفِ بِكَذَا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} [الشعراء: ١٨١] ، وَقَوْلُهُ: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩١] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>