للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الإيمان العميق]

حقيقة الإيمان العميق:

٥٣٣- نريد بالإيمان العميق أنَّ الداعي المسلم تيقَّن بأنَّ الإسلام الذي هداه الله إليه، وأمره بالدعوة إليه، حقّ خالص؛ لأنه هُدى الله، وما عداه باطل وضلال قطعًا، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} ١، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ٢، وإنَّ هذا اليقين بأحقية الإسلام صار عند الداعي المسلم كالبدهية وكالواحد زائد واحد يساوي اثنين، ومن ثَمَّ لا تقبل هذه البدهية أيَّ نقاش أو جدال أو شكٍّ أو مراجعة أو إعادة نظر، وتيقن أنَّ أيَّ تحوُّلٍ عن هذا اليقين وميلٍ إلى غيره يعني اتباع الأهواء الباطلة التي فيها الضلال وضياع الإيمان، قال تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} ٣، إنَّ هذا الإيمان العميق بأحقية الإسلام قائم على علم قطعي وبينة راسخة لا شكَّ فيها، وإن كذَّب بها المبطلون الضالون الذين لا يبصرون الحق المنزَّل من عند الله، لا لخفائه، ولكن لعمى أبصارهم وموت قلوبهم، فلا يتصوّر ميل الداعي المسلم إلى باطلهم، ولا يتصور منه الشك في دعوته، كما لا يتصور ارتياب البصير في بصره إذا وجد نفسه بين العميان، قال تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} ٤، وإنَّ هذه البينة التي أقام عليها الداعي المسلم إيمانه العميق


١ سورة البقرة، الآية: ١٢٠.
٢ سورة يونس، الآية: ٣٢.
٣ سورة الأنعام، الآية: ٥٦.
٤ سورة الأنعام، الآية: ٥٧.

<<  <   >  >>