للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٢٦- تاسعًا: الكذب والخوف وكره المسلمين، قال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ، لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} ١، فمن صفات المنافقين الكذب والحلف عليه، جاء في الحديث: "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمن خان"، وفي رواية: "وإذا خاصم فجر"، وفي الآية الكريمة إخبار عن المنافقين أنَّهم يحلفون بالله أنَّهم من المسلمين، والحقيقة خلاف ذلك، ولكنَّهم قوم يفرقون، أي: يخافون، فالدافع لهم على الكذب أنَّهم يخافون أن ينكشف كفرهم، فيعاقبهم المسلمون، فهم من كرههم للمسلمين لا يودون مخالطتهم ولا رؤيتهم، ولهذا فهم في هَمٍّ وحزَن كلما رأوا الإسلام وأهله في عزٍّ ونصر؛ لأنَّ هذا يسوؤهم ويحزنهم، ولو رأوا ملجًأ، أي: حصنًا، أو مغارات أو مدَّخَلًا وهو النفق في الأرض، لأسرعوا في ذهابهم إليها ليغيبوا عنكم ولا يروكم.

٦٢٧- عاشرًا: يعيبون أهل الحق، ويرضون ويسخطون لحظوظ أنفسهم، قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} ٢، ومن صفات المنافقين الطَّعن في أهل الحق وفي أعمالهم الحَقَّة العادلة؛ لأنَّ المنافقين لا يحبون الحق والعدل، ورضاهم وسخطهم لأنفسهم، فإن أعطوا شيئًا مما يريدون رضوا، وإن لم يعطوا سخطوا أو غضبوا، ورموا أهل الحق بالظلم والحَيْف، وهذا كان ديدنهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تخبرنا به هذه الآية الكريمة، فقد كان من المنافقين من يلمز، أي: يعيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ويطعن عليه في قسم الصدقات، أي: الزكاة على المستحقين، فإذا أعطوا منها رضوا وسكتوا، وإن لم يعطوا منها غضبوا وسخطوا، وهذا شأن المنافقين في كل زمان، يرضون على الشخص إذا أعطاهم ما يأملون، ويسخطون عليه إذا لم يعطهم ما يأملون، وهم في رضاهم وسخطهم ينظرون إلى أنفسهم ولا ينظرون إلى الحق والعدل.

٦٢٨- حادي عشر: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ


١ سورة التوبة، الآيتان: ٥٦، ٥٧.
٢ سورة التوبة، الآية ٥٨.

<<  <   >  >>