للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الخصيصة الثالثة: العموم]

٧٢- من بديهات الإسلام وصفاته الأصلية أنَّه جاء لعموم البشر ولم يأت لطائفة معينة منهم، أو لجنس خاصٍّ من أجناسهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} وعموم الإسلام هذا غير مقصور على فترة معينة من الزمن، أو جيل خاصٍّ من البشر، وإنما هو عموم في الزمان كما هو عموم في المكان، ولهذا فهو باقٍ لا يزول ولا يتغير ولا ينسخ؛ لأن النسخ يجب أن يكون في قوة المنسوخ، سواء أكان النسخ كليًّا أو جزئيًا، وحيث إنَّ الإسلام ختم الشرائع السابقة كلها، وإنَّ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فمعنى ذلك أنَّ الشرائع الإلهية انقطعت، وأنَّ الوحي الإلهي لم يعد ينزل على أحد، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، وعلى هذا لا يتصوَّر أن ينسخ الإسلام أو يغيره شيء.

٧٣- وقد يقال هنا: لماذا كانت الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع، أما كان الأفضل والأنفع استمرار تنزل الشرائع الإلهية وإبقاء باب الرسالات الإلهية مفتوحًا؟ والجواب: لا؛ لأنَّ تنزُّل الشرائع ليس من قبيل العبث واللهو، وإنَّما هو لسدِّ نقص في تشريع سابق، أو لإكماله بتشريع لاحق مناسب لمستوى البشرية، وحيث إنَّ الشريعة الإسلامية كاملة تامَّة سدَّت كل ما لم تأت به الشرائع السابقة، وأكدت ما جاءت به هذه الشرائع السابقة، فلا حاجة ولا داعي لمجيء شريعة أخرى، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ، فمع

<<  <   >  >>