للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهوة الاستبدال لدى الملك: وقد تحدث في أخلاق الملك ملالة لشهوة الاستبدال فقط. فليس لصاحب الملك، إذا أحدث الملك خلقاً، أن يعارضه بمثله، ولا إذا رأى نبوةً وازورارةً، أن يحدث مثله، فإنه متى فعل ذلك فسدت نيته، ومن فسدت نيته عادت طاعته معصيةً، وولايته عداوةً. ومن عادى الملك، فنفسه عادى، وإياها أهان.

ولكن عليه، إذا أحدث الملك الخلق الذي عليه بنية أكثر الملوك، أن يحتال في صرف قلبه إليه. والحيلة في ذلك يسيرة: إنما هو يطلب خلوته، فيلهيه بنادرةٍ مضحكة، أو ضرب مثلٍ نادرٍ، أو خيرٍ كان عنه مغطى، فيكشفه له.

كما فعل بعض سمار ملوك الأعاجم: أظهر الملك له جفوة الملالة فقط، فلما رأى ذلك، تعلم نباح الكلاب، وعواء الذئاب، ونهيق الحمير، وصياح الديوك، وشحيج البغال، وصهيل الخيل.

ثم احتال حتى دخل موضعاً يقرب من مجلس الملك وفراشه يخفي أمره. فنبح نباح الكلاب، فلم يشك الملك أنه كلب وابن كلب. فقال: انظروا ما هذا؟ فعوى عواء الذئاب، فنزل الملك عن سريره.

فنهق نهيق الحمار، ومر الملك هارباً.

وجاء غلمانه يتبعون الصوت، فلما دنوا منه، أحدث معنىً آخر، فأحجموا عنه. ثم اجتمعوا فاقتحموا عليه، فأخرجوه وهو عريان مختبئ.

فلما نظروا إليه، قالوا للملك:

<<  <   >  >>