للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا فرغ الملك من مظالمه في نفسه، قام فحمد الله ومجده طويلاً، ثم وضع التاج على رأسه، وجلس على سرير الملك، والتفت إلى قرابته وحامته وخاصته، وقال: إني لم أبدأ بنفسي فأنصف منها إلا لئلا يطمع طامع في حيفي. فمن كان قبله حق، فليخرج إلى خصمه منه، إما بصلحٍ وإما بغيره.

فكان أقرب الناس إلى الملك في الحق كأبعدهم، وأقواهم كأضعفهم.

فلم يزل الناس على هذا في عهد أردشير بن بابك ثم هلم جراً، حتى ملكهم يزدجرد الأثيم، وهو النحس البارتكر. فغير سنن آل ساسان، وعاث في الإرض، وظلم الرعايا، وأظهر الجبرية والفساد، وقال: ليس للرعية أن تنتصب من الراعي، ولا للسوقة أن تتظلم من الملوك، ولا للوضيع أن يساوي الرفيع في حق ولا باطل.

[عقوبة الملك الظالم]

فذكرت الأعاجم في كتبها وسير ملوكها أنه بينا هو قاعد في الإيوان، والناس على طبقاتهم ومراتبهم، إذ دخل من باب الإيوان فرس مسرج ملجم، لم ير قط شيء أحسن منه منظراً، ولا أكمل أداةً. فأهوى نحو يزدجرد الأثيم. فقامت إليه الاساورة

<<  <   >  >>