للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبسالة ويمن النقيبة.

فكان شهر براز قد ضيق على ملك الروم قرار داره، وأخذ بمخنقه، حتى هم بمهادنته، ومل محاربته، وطلب الكف عنه. فأبى ذلك عليه شهر براز.

واستعد له ملك الروم بأفضل عدة، وأتم آلة، وأحد شوكة، وتأهب للقائه في البحر.

فجاءه في جمع لا تحصى عدته. قد أعد في البحر كل ما يحتاج إليه من مالٍ وسلاحٍ وكراعٍ وآلةٍ وطعام وغير ذلك، والسفن مشحونة موقرة.

فبينا هو كذلك إذ عصفت ريح في تلك الليالي، فقلعت أوتاد تلك السفن كلها وحملتها إلى جانب شهر براز، فصارت في ملكه.

وأصبح ملك الروم، قد ذهب أكثر ما كان يملك من الأموال والخزائن والعدد والسلاح. فوجه شهر براز بتلك الخزائن والأموال إلى أبرويز. فلما رأى أبرويز ما وجه به شهر براز، كبر في عينه، وعظم في قلبه، وقال: ما نفس أحق بطيب الثناء، ورفيع الدعاء، والشكر على الفعل الظاهر من شهر براز! جادلنا بما لا تسخو به النفوس، ولا تطيب به القلوب! فجمع وزراءه، وأمر بتلك الأموال والخزائن، فوضعت نصب عينيه، ثم قال لوزرائه: هل تعلمون أحداً أعظم خطراً وأمانةً، وأحرى بالشكر من شهر براز؟ فقامت الوزراء، فتكلم كل واحدٍ منهم، بعد أن حمد الله وشكره ومجده، وأثنى على الملك وهنأه، ثم ذكر ما خص الله به الملك من يمن نقيبة شهر براز وعفافه وطهارته ونبله وعظيم عنايته.

حتى إذا فرغوا، أمر بإحصاء تلك الأموال والخزائن. ثم قام أبرويز فدخل إلى نسائه. وكان للملك غلام يقال له رسته، وكان شيء الرأي في شهر براز؛ فقال: أيها الملك! قد ملأ قلبك قليل من كثيرٍ، وصغير من كبير، وتافه من عظيم، خانك فيه شهر براز، وآثر به نفسه. ولئن كان الملك مع رأيه الثاقب، وحزمه الكامل، يظن أن شهر براز أدى الأمانة، لقد بعد ظنه من الحق، وخس

<<  <   >  >>