للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الحق بأقصى حدوده؛ غير أن ذلك لا يكون معه بذاء ولا كلام رفثٍ ولا معارضة بما يزيل حق الملك، ولا صياح يعلو كلامه، ولا نخير ولا قذف ولا ماهو خارج عن ميزان العدل.

وفيما يحكى عن سابور أنه لاعب ترباً كان له بالشطرنج إمرة مطاعة. فقمره تربه، فقال له سابور: ما إمرتك؟ فقال: أركبك حتى أخرج بك إلى باب العامة. فقال له سابور: بئس موضع الدالة وضعتك، فرد غير هذا. فقال: بهذا جرى لفظي. فأسف لذلك سابور، وقام فدعا ببرقع، فتبرقع، ثم جثا لتربه، فامتنع أن يعلو ظهر الملك إجلالاً له وإعظاماً. فنادى سابور بعد ذلك بسنةٍ في الرعية: لا يلعبن أحد لعبةً على حكمٍ غائبٍ، فمن فعل، فدمه هدر.

فأما إذا كانت المشاحة على طلب الحق في هذه الأقسام التي ذكرنا بمعارضة شعر، وتوبيخٍ في مثلٍ ونادرٍ من الكلام، وإخبارٍ عن سوء لعب اللاعب، وتأنيبٍ له، فهذا مما يخاطب به الملك، ويعارض فيه. فأما إذا خرج عن هذا، فدخل في باب الجرأة كما فعل ترب سابور، فإنه خطأ من فاعله، وجهل من قائله، وجرأة على ملكه. وليس للرعية الجرأة على الراعي.

ومن حق الرجل على الملك، إذا ضرب معه بالكرة، أن يتقدم بدابته على دابة

<<  <   >  >>